الزواج المدني ورفض رجال الدين له

 مجرد النطق بعبارة (زواج مدني) أو تناوله بالرفض أو القبول، تأتيك الإجابة (لا) قبل أن تنتهي من طرح السؤال المنشود، عدا نظرات الاستهجان والتشكيك بأخلاقك وإيمانك وكأنك ارتكبت أقبح المعاصي.

 يدّعون حرية الرأي وحرية المعتقد، ولكن عند أول تجربة ترى هذا الهرم الشاهق من الأخلاق والاحترام والانفتاح الفكري بدأ ينهار أمامك، وكأن تلك العبارة أشبه بالقنبلة التي بعثرت حقيقة هذا الهرم الهش والزائف.

و بالعودة إلى الزواج المدني فإن هناك حتماً ما يخيف المجتمع من هذا الموضوع. ولكنك بعد التحليلات واستطلاعات الرأي تجد أن الخوف يكمن في كلمة (مدني) فلا أحد يستغرب كلمة (زواج) فالجميع يقابلها بالفرح والزغاريد.

فالزواج المدني هو زواج شرعي قانوني وليس ديني، ويتم تسجيله ضمن أطر مدنية هذا هو الأمر ببساطة، ولكن فعلياً هو عقدة وعائق أمام دعاة الجهل والتعصب وأعداء الانفتاح الفكري، ومنهم الكثير من رجال الدين، لأنهم على يقين أن أي توجه نحو دولة مدنية هو نهاية إمبراطوريتهم. وكأي دولة من دول العالم النامي يفرض الدين نفسه كأقوى سلطة فكرية تستطيع حكم المجتمع بقبضة من حديد، لذا يبقى رجال الدين متمسكين بالتبعية الدينية لهم، على أنه هو الملجأ الوحيد لحفظ حقوقك وأمانك ومستقبلك.

فمن وجهة نظر كل الأديان هذا الزواج غير صالح في مجتمعاتنا العربية لما فيه برأيهم من تشجيع على الانفلات الأخلاقي ودعوة لإقامة العلاقات بين الشباب والشابات، كما أن أهم نقطة يركزون عليها أن هذا الزواج هو عبارة عن وسيلة لتمرد الفتاة على أهلها! و كأن تلك الفتاة خُلقت ليسيطر عليها ويمارس عليها الظلم و لكي تكون وسيلة لتنفيذ أحكام الكثير من المرضى العقليين في مجتمعاتنا. ومن وجهة نظر بعض العاقلين في المجتمع أن نتيجة هذا الزواج أطفال لا ذنب لهم حتى يتحملوا أحكام هذا المجتمع ونبذه لهم وتهمتهم الوحيدة أنهم نتيجة زواج مدني، فبالتالي، وبنظر هذا المجتمع الذي يسيطر عليه الدين بشكل رئيسي، لا دين لهم ولا رغبة لكثيرين في التقرب منهم.

فلو كان هذا المجتمع يأبه لشأن الشباب والشابات لأصلح الكثير من الاعتبارات والفتاوى التي تأتي أغلبها نتيجة نظرة المجتمع لا الدين كما يدعون، ولكانوا أصلحوا ما أفسده بعض المتعصبين وضعاف النفوس ممن يدعون مخافة الله.

فما دام هو زواج (مدني) سيظلون يهاجمونه ويطلقون أحكام التكفير على من يتبعه لأنه يقلق هيبتهم الدينية ويقلق جيوبهم الممتلئة كذلك.

ليس المهم أن ندعو إلى الزواج المدني، ولكن المهم أن نعتبر أن هؤلاء الذين اتبعوه لهم حرية الرأي في قناعتهم فيه كما لنا الحق في رفضنا له، فالمسألة مسألة حرية قناعة ورأي.

العدد 1105 - 01/5/2024