المغني عزالدين الأمير… والأغنية الإنسانية!

يمتلك المغني والموسيقي عز الدين الأمير عذوبة في أدائه، وإحساسات عالية في أداء المفردة الشعرية، كأنه هنا  يفتح للجملة الشعرية أفقاً جديداً عبر اللحن والغناء، فقد أدرك عز الدين الأمير ماهية الأغنية التي تتجاوز التطريب والتطويل لتصبح أشبه ببحة إنسانية، ونداء مقدس للخروج من بهاتة الواقع ووجعه.

تندرج تجربة عز الدين الأمير الإبداعية في الموسيقا والغناء ضمن التجارب الفردية التي تشتغل بمثابرة وجهد خاصين للوصول إلى ذروة الغناء الوجداني، وهي تساهم في فتح آفاق جديدة للجملة الشعرية والغنائية،  أي أن الأغنية عند الأمير تشكل الانعكاس الحقيقي لطبيعة الإنسان، فالأغنية هي المساحة الأكثر توافقاً وانسجاماً مباشراً مع الواقع وتقلباته وحراكه.

فعندما نستمع إلى أغنيات عز الدين الأمير نخرج من الأغنية التقليدية لندخل في فضاءات ومناخات أخرى، فتصبح الأغنية أشبه بطلقة أو جرس إنذار للوقوف أمام فكرة الإنسان الذي بدأ يتعرض إلأبشع مظاهر التسطيح  والغرق في الاستهلاكي والابتعاد عن الروحاني بأبعاده المختلفة.

يقول المغني عز الدين الأمير في شرحه للأغنية الإنسانية:( إن الأغنية الإنسانية هي  التي تعبر عن كل حالات الإنسان ، وتعبر عن خلجات النفس وأفكارها ونوازعها وقضايا العالم، وإدراك المصير المحتوم، والوجود الزائل في الحياة، وكلماتي في الأغنية هي دائماً من نبض الشارع وانعكاس الواقع، وترجمة حال هموم الناس، ومخاطبة الفكر عن طريق العواطف والأحاسيس والمشاعر).

في أغنية (ياساتر) وهي من كلماته وألحانه، يعكس عز الدين الأمير  وجع الإنسان السوري برؤية جمالية مختلفة، إضافة إلى دعوته إلى الوحدة والحوار، ويظهر ذلك في  انتقالاته بين الكوبليات، إذ يترك لصوته ومفردة (ياساتر..)  المجال اللحني لتعطي الدلالة المزدوجة لمعنى المفردة، فهي في وجهها الأول تأخذ معنى الساتر الترابي، وفي معناها العميق في اللحن تعطي دلالة الدهشة والخوف من الحدث.

ويضيف عن مهمة الأغنية بقوله:(مهمتها توصيل الهدف، أي ماينبع من القلب يصل إلى القلب، وهي تفعل الفعل ذات الذي تؤديه مع فرقة موسيقية  أو أوركسترا أو عود،أو حتى  بالصوت البشري فقط،  ونحن هنا نؤدي هذه الأغنية ولا نقدم أنفسنا بشكل أكاديمي أو حرفي بقدر ما نقدم الأغنية على أساس أنها إحساس بالآخر وترجمة ذات، ودعوة للمساواة والمحبة والتآخي والتسامح، وقبول الآخر ونبذ التعصب، واستهجان العنف والتجرد من مشاعر الانتقام. وفي النهاية الأغنية الإنسانية هي الأغنية الشاملة ولكنها دائماً تحمل هدفاً يخدم الوجود الإنساني ويساعد على حل مشاكله، والدعوة الحثيثة إلى أن  نتشبه بالورود أو بالشمس التي توزع نورها للجميع).

وعز الدين الحيناني (أو الاسم الفني عز الدين الأمير) من مواليد السويداء قرية حبران، تعلم الموسيقا والغناء بشكل خاص، وكتب ولحن العديد من الأغنيات، وتابع تجربته بروحه المثابرة بشكل فردي، وأنجز خلال السنين الأخيرة كتابة عشرات الأغاني وتلحينها وأداءها، وأغلب حفلاته كانت ضمن فعاليات  المراكز الثقافية، وهو يستعد حالياً لإطلاق مجموعته الغنائية الجديدة التي تتضمن 8 أغانٍ من ألحانه وغنائه، وكتب كلمات بعضها،  وتولى توزيع المجموعة جورج نعمة وحليم الشاهر ، وسجلت في استديو الفنانين لويد وعيسى النجار. تتضمن المجموعة  أغنيات: منعمرها، عصفورة الحب وغيرها، وقد لحن وغنى لشعراء عديدين منهم : فرحان الخطيب، راتب سكر،  نزار بريك هنيدي ، غسان غنيم ، سليمان السلمان، صالح الحلبي ، جهاد الأحمدية ، قفطان الشوفي ،نضال كيوان، إبراهيم سعدة من مصر.

وللأمير العديد من الحفلات الفنية كان آخرها حفلة مجمع دمر الثقافي برفقة فرقته الموسيقية بقيادة المايسترو. (باسم الحمود) وعازف الناي والكوله ماهر عامر، تضمنت حفلته مجموعة أغان وطنية وإنسانية منها: (توب العيري)، و(تعالوا يااهالينا) وغيرها، إضافة إلى تجربته في أغاني الأطفال، إذ قدم مجموعتين للأطفال من كلماته وألحانه وأداء الصوت لأطفال صغار. ونال العديد من الجوائز كان آخرها جائزة (درع الأقصى) من دولة فلسطين، إضافة إلى شهادة دكتوراه من المجلس الأعلى  للإعلام الفلسطيني.

العدد 1105 - 01/5/2024