بعد «فوترة» سوق الهال… هل سيلتزمون؟

قررت وزارة التموين وحماية المستهلك، منذ أيام، تطبيق نظام (الفوترة) في سوق الهال بدمشق، وهذا يعني ببساطة شديدة إلزام تجار الجملة بإعطاء تجار التجزئة فواتير نظامية مختومة بختم السجل التجاري لتاجر الجملة.

ما الفائدة من نظام (الفوترة) الذي يعد إجراء بديهياً في جميع الأنشطة التجارية في العالم أجمع؟

إنها فوائد لا فائدة واحدة:

1- اعتراف التاجر بعائدية السلع التي تباع بأسواق التجزئة.

2- تحديد سعر مبيع الجملة، وهذا يعني ضمناً استعداد تاجر الجملة لإبراز المستندات القانونية لتكاليف البضاعة المباعة.

3- الفاتورة الصادرة من تجار الجملة تعد وثيقة قانونية لاحتساب أرباح التجار، وهذه إشكالية كبيرة كان يجري القفز فوقها، وبقيت زمناً طويلاً باباً من أبواب التهرب الضريبي والفساد الإداري.

4- استناداً لفاتورة تاجر الجملة، تستطيع أجهزة وزارة التموين- إذا ما أرادت فعلاً التدخل في تحديد الأسعار- تحديد ربح تاجر المفرق، وإعلان السعر النهائي للسلعة.

5- سهولة مراقبة الأسواق واكتشاف تجار المفرق الذين يرفعون أسعار السلع، وتطبيق الإجراءات القانونية بحقهم.

6- وصول السلعة إلى المواطن بسعر محدد، بغض النظر عن ارتفاعه أو انخفاضه الذي يخضع للتكاليف المراقبة حكومياً، أي الخلاص من الارتفاع غير المبرر لأسعار السلع، وتكديس الأموال على حساب معاناة الفئات الفقيرة والمتوسطة التي تعد المستهلك الأكبر، إذ تشكو غالبية السوريين هذه الارتفاعات. حتى الآن لم تظهر انعكاسات هذا الإجراء على أسعار السوق، ربما يحتاج الأمر إلى بعض الوقت، لكنا ننبه هنا إلى الأمور التالية:

أولاً- إدارة الجمارك تلعب الدور الحاسم في تحديد تكلفة المستوردات، لذلك عليها المشاركة من خلال قاعدة بيانات متاحة لأجهزة الرقابة في المصادقة على صحة بيانات تجار الجملة وفواتيرهم.

ثانياً- الانتباه في تحديد أسعار المنتجات الزراعية إلى السعر المنخفض الذي يفرضه بعض التجار على المنتجين الزراعيين، وبالتالي عدم السماح لهؤلاء التجار بوضع تكاليف مرتفعة تمهيداً لرفع أسعار المنتجات الزراعية كالفواكه والخضار.

ثالثاً- تعميم هذه الخطوات على بقية المستوردات والمنتجات الصناعية الوطنية، وعدم الاكتفاء بسوق الهال.

رابعاً- إن تدخّل الحكومة يبدأ من تحديد تكلفة المنتجات، وينتهي بتحديد هامش الربح لتجار المفرق، ومراقبة ومساءلة من يبيعون بأسعار أعلى.

تدخّل الحكومة الفاعل في الأسواق يأخذ أشكالاً متنوعة، لكن حجر الأساس في هذا التدخل هو إرادة الحكومة ذاتها، وقد كتبنا مراراً على صفحات (النور) منذ ما قبل الأزمة التي تمر بها بلادنا، أن تدخل الحكومة أمراً لابد منه.. لا في تحديد الأسعار فحسب، بل في مجمل العملية الاقتصادية جنباً إلى جنب مع القطاع الخاص الوطني المنتج.

المهم الآن أن يلتزم التجار بنظام الفوترة، وأن تلتزم الحكومة بدقة المتابعة والمراقبة.. عسى ولعل الفرج يأتي لجماهيرنا الشعبية التي ذاقت المر في العقد الماضي.. والأمرّين خلال الأزمة.

 

العدد 1105 - 01/5/2024