أسواق الألبسة الشتوية.. ارتفاع في الأسعار وقلة في العرض وجمود في الطلب!

عيد الأضحى الذي مضى، كشف عن أسعار مخيفة، لمعظم الألبسة وخاصة الشتوية منها، فقد ارتفعت أسعارها بنسبة تصل إلى 300% وأكثر، واقتصر رب الأسرة في شرائه للألبسة على الضروري، لأفراد عائلته فقط.

وفي جولة أجرتها (النور) على أسواق الألبسة في دمشق وريفها، تبين أن معظم أسعار الألبسة شهدت ارتفاعات كبيرة، بغض النظر عن الجودة، مع وجود ضعف في العرض وقلة في الطلب من قبل المستهلكين وجمود في حركة البيع والشراء، فمعظم الطلب يتركز على الألبسة ذات الأسعار المنخفضة التي أصبحت نادرة جداً ضمن الأسواق.

أسواق الألبسة.. ركود وقلة في الإنتاج وارتفاع في الأسعار

ففي أسواق دمشق، أوضح بعض التجار لـ(النور)، أن سبب ارتفاع أسعار الألبسة الشتوية يعود لارتفاع مستلزمات الإنتاج، وخاصة الخيوط التي ارتفعت بنسب عالية مع ارتفاع تكاليف الشحن ونقل البضائع، والاعتماد على الاستيراد بالنسبة للأقمشة، بعد تضرر معامل الغزل والنسيج المحلية، إضافة إلى خروج العديد من المعامل الخاصة بصناعة الألبسة عن الإنتاج وخاصة في ريف دمشق، مما أدى إلى ضعف العرض في أسواق الجملة، وتحكم بعض التجار بالأسعار، لأن البضائع أصبحت قليلة من حيث التشكيلة أو النوعية أو تدرج الأسعار. وبالطبع فإن فرق الأسعار في الألبسة يعود لبائع المفرق ومدى تكبده لتكاليف الحصول على البضائع.

وبالنسبة للأسعار، فقد بلغ سعر البنطال الرجالي نحو 2600 ليرة، وبلغ سعر الكنزة الرجالية 3 آلاف ليرة، وبلغ سعر (الجاكيت) الرجالي نوع وسط 7 آلاف ليرة، والقميص الرجالي بلغ سعره 1800 ليرة كحد أدنى، و(البيجامة) الشتوية الرجالية ب3500 ليرة.. وبالطبع الأسعار تختلف وفقاً لبعض المعطيات: المحل التجاري، ونوعية القطعة، وحسب مكان السوق أيضاً.

ولكن الأسعار الأكثر لهيباً كانت لألبسة الأطفال، فقد بلغ سعر الطقم الولادي والبناتي حدود 5 آلاف ليرة سورية، في حين كان سعره العام الماضي نحو ألفَيْ ليرة فقط، وبلغ سعر البنطال الولادي 1400 ليرة، وسعر الجوارب الولادية 150 ليرة، وهذه كان سعرها سابقاً 25 ليرة فقط.

أما الألبسة النسائية فحدّث ولا حرج! (البيجامة) الشتوية النسائية أصبح سعرها 7 آلاف ليرة، وهناك أنواع أقل سعراً يصل إلى 2400 ليرة، وهناك بحدود 3500 ليرة، وبلغ سعر الكنزة القطنية النسائية نحو 3 آلاف ليرة، في حين كان سعرها سابقاً نحو 500 ليرة لا أكثر.

وأشار بعض البائعين في دمشق إلى ضعف في حركة البيع بسبب ارتفاع الأسعار، فمعظم الزائرين لمحلات الألبسة يقومون بالاستفسار عن الأسعار فقط، ونسبة قليلة جداً منهم من يقومون بالشراء، كما أن البائع يواجه مشكلة هي أن القطعة التي تباع لا يمكن أن يجد مثلها في أسواق الجملة.

وكان لارتفاع أسعار الألبسة في المحال التجارية تأثير بالغ على الأسواق الشعبية وأسواق البالة، التي شهدت إقبالاً ملموساً من المستهلكين، إلا أن الأخيرة أيضاً قامت برفع أسعارها، فالقطعة التي كانت تباع على (البسطة) أو في سوق البالة ب200 ليرة أصبحت ب400 ليرة مع تدني جودتها، ولكن، كما يقال، يبقى الكحل أفضل من العمى، في تلبية الاحتياجات، فأسعار الألبسة في تلك الأسواق تبقى أقل وطأة على المستهلك من أسعارها في المحال التجارية.

أما المستهلكون فقد عبّر أبو قصي، وهو موظف ولديه أسرة من أربعة أفراد، عن أنه لم يتجرأ على شراء أي قطعة لباس له، واقتصر على شراء الألبسة لطفليه فقط، إذ اشترى قطعتين لطفليه بمبلغ 6500 ليرة، وأشار إلى أن الألبسة التي اشتراها متدنية الجودة، إلا أن أسعارها مرتفعة، فلم يعد يوجد خيارات أمام المستهلك لكي يختار من حيث الأسعار، فكلها تشترك بارتفاع الأسعار، ولم يعد هناك ما يناسب دخل الأسر، وفي حال أراد جميع أفراد الأسرة شراء الألبسة، فإن ذلك يحتاج إلى راتب شهرين، وربما أكثر.

وطلب أبو قصي من مؤسسات التدخل الإيجابي التحرك السريع، وطرح تشكيلة واسعة من الألبسة بأسعار منافسة تناسب دخل الأسر المحدود، وخاصة مع دخول فصل الشتاء.

جمعية حماية المستهلك: 40 ألف ليرة تكلفة إكساء أسرة مكونة من أربعة أفراد

توجهنا إلى رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني، للاستفسار عن حركة الأسواق، وأهم الإجراءات التي يجب اتخاذها حيال ارتفاع الأسعار، فأوضح دخاخني في تصريحه لـ(النور)، أن أسواق الألبسة شهدت ركوداً في الطلب، فالمستهلك لم يشترِ إلا الضروري، كما أنه لم يشترِ إلا من يملك القدرة على الشراء، أما بقية المستهلكين، وخاصة ذوي الدخل المحدود، فلم يخاطروا بشراء الألبسة الشتوية إلا الضروري فقط.

وعن تكلفة إكساء الأسرة المكونة من أربعة أفراد، أوضح دخاخني أن التكلفة وسطياً تصل إلى 40 ألف لأربعة أشخاص مختلفين في الأعمار.. فسعر الطقم الولادي أصبح 4 آلاف ليرة، وأصبح سعر الكنزة الرجالية الشتوية 3 آلاف ليرة، وكذلك الأمر بالنسبة للولادية، والبنطال الرجالي أصبح ب2600 ليرة، مع العلم أن هناك الكثير من البضائع متدنية الجودة، إلا أن أسعارها مرتفعة.

وبالنسبة لتوجه المستهلكين إلى أسواق البالة قال دخاخني: (معظم البالة في أسواقنا في اعتقادي هي من خارج الحدود، فلا يوجد استيراد نظامي للبالة، والبعض يستغل هذه البالة ويقوم أيضاً برفع أسعارها).

وعن الآلية التي يجب اتباعها لخفض أسعار الألبسة، أوضح دخاخني أن خفض أسعار الألبسة يعد إجراء حكومياً، فيجب إيجاد تدخل فاعل من قبل مؤسسات الدولة، ولكن إلى الآن يوجد شكاوى أن أسعار المؤسسات هي نفسها أسعار السوق، ولم تكن البديل الفعلي لمصلحة  المستهلك، وأصبح لديه ملل من الشكاوى، فعلى ماذا يشتكي؟ فكل شيء يحتاج إلى شكوى، بدءاً من الفلافل وصولاً إلى اللحمة التي أصبحت حكراً على الأغنياء، عدا الخدمات الأخرى والأدوية والمشافي، وصولاً إلى الألبسة وغيرها من السلع والمواد.

ولفت دخاخني إلى أن الحكومة هي المسؤولة عن البحث عن حلول لهذا الفلتان في الأسعار، وهي المسؤولة عن تأمين احتياجات المستهلك بسعر مناسب، يتوافق مع دخله، لذا نأمل أن يوضع حدّ لارتفاع الأسعار، سواء من الحكومة أو من التاجر. وبالنسبة لأسباب ارتفاع أسعار الألبسة، أشار رئيس جمعية حماية المستهلك بدمشق إلى أن ارتفاع أسعار الألبسة بشكل عام يعود، وفقاً لبعض التجار، إلى تراجع الإنتاج المحلي بشكل كبير، فهناك معامل أغلقت وخرجت من العملية الإنتاجية، وبالتالي أصبح هناك شحّ في الإنتاج ضمن الأسواق، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، إضافة إلى ارتفاع أسعار الخيوط، فقد ذكر أحدهم أن سعر الخيط ارتفع بنسبة 300%، مشيراً إلى أنه رغم كل الظروف المذكورة سابقاً فإن السعر تضاعف كثيراً، فمن المنطقي أن يتضاعف مرة أو مرتين، ولكن ليس من المنطقي أن يتضاعف أربع أو خمس مرات، فسعر الألبسة الشتوية لا ينسجم مطلقاً مع الواقع.

ونبه إلى أنه أصبح هناك غلو في رفع الأسعار، إضافة إلى ضعف في القدرة الشرائية لدى المستهلك، في حين أن الإجراءات الحكومية غير فعالة أبداً، ولا تعمل على لجم الأسعار المرتفعة، فهناك مبررات مقبولة، ولكن هناك مبررات غير معقولة وغير منطقية على الإطلاق.

وأشار رئيس جمعية حماية المستهلك إلى أن المستهلك هو الضحية، فالمنتج يأخذ حقه والبائع يضاعف أرباحه، وهذه القضية غير مقبولة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، ذلك أن زيادة الرواتب الأخيرة ذهبت فرق أجور النقل التي تضاعفت عدة مرات، نتيجة رفع سعر المازوت والبنزين، وبالتالي فإن المستهلك لن يجد من راتبه ما يواجه به ارتفاع الأسعار المستمر، فقد ارتفعت أسعار الأدوية بنسبة 200% وارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية بنسبة وصلت إلى 400%، وهذا الأمر يحتاج إلى إجراءات حاسمة من الحكومة.

العدد 1105 - 01/5/2024