المرأة والمجتمع

 لم تكد الإمبراطورية العثمانية تتهاوى ويتراجع نفوذها في المشرق العربي حتى بدأت المرأة في هذه البقعة تحصل على حقوقها التي سلبت منها لقرون، فأفكار تحرر المرأة أخذت تنتشر وبدأت تدخل حقل التعلّم ومن ثم التعليم، على قدم المساواة مع الرجل، فمن كانت تُعتبر فيما سبق من الأيام قاصرة عاجزة عن الفهم بدأت تستعيد دورها رويداً رويداً.

لم تقف المرأة عند هذا الحد، بل دخلت حقل العمل، فكانت، إلى جانب كونها الأم الحريصة على تربية أبنائها، الأديبة والمثقفة والشاعرة، وليس هذا فحسب بل دخلت حقل السياسة أيضاً، فخروجها من القمقم الذي وُضعت فيه قسراً ما كان إلا نوعاً من تطور المجتمع الساعي إلى الحداثة وما بعدها.

 إلا أن هذا التطور سيبقى أشلاءً، فالعادات والتقاليد ستحاول أن تعود لتلعب دوراً راسخاً وأساسياً في تكبيل المرأة، فهناك نسبٌ لا بأس بها من النساء تعيش في قاع الأمية.

لقد اندمجت المرأة في العمل وساهمت إلى جانب الرجل في تقدم البلاد، ولعب ذلك دوراً لا في تطوير أساليب التربية فحسب، بل أيضاً في تطور شخصيتها ونظرة المجتمع إليها، فدورها لم يعد إنجابي ومنزلياً فقط بل تعداه أيضاً إلى مختلف مجالات الحياة، وكان لعملها دورٌ في سعيها لتطوير ذاتها وصقل مهاراتها وباتت تنافس الرجل في الكثير من المجالات.

فظروف عمل المرأة لا تعود فقط لرغبتها الدفينة في إثبات ذاتها، إنما تعود أيضاً لشعورها بالمسؤولية تجاه الرجل ورغبتها في مساندته في توفير ظروف معيشية أفضل، وهناك الكثير من النساء اللواتي أثبتن الكفاءة والجدارة في العمل، فالمرأة العاملة قادرة على توفير حياة أفضل في تشاركها مع الرجل، إلا أن هناك مجموعة من المسببات قد تعيق تقدم المرأة:

1. النظرة الاستعلائية إلى المرأة على أنها قاصرة وأنه لابد من بقائها في المنزل.

2. النظرة الاستغلالية لدى بعض أرباب العمل.

3. اتهام المرأة العاملة بالتقصير تجاه العائلة.

وللتخلص من كل معوقات تراجع المرأة لابد من التخلص من العادات والتقاليد البالية التي عفا عنها الزمن، ولا بد للمجتمع من أن ينظر إلى المرأة على أنها عضو فاعل، إلا أن هذه النظرة لا تكفي وحدها، فلا بد للمرأة أن ترى نفسها بهذه النظرة عينها، وأن تتحرر من تلقاء نفسها، ففي المجتمع الشرقي أول من يمارس الاضطهاد ضد المرأة هي المرأة نفسها ففي المنزل تعامل الأم ابنها بطريقة مختلفة ومتميزة عن طريقة تعاملها مع ابنتها، فلا بد من إبداء دور المرأة عبر عملية التنشئة الاجتماعية، فما يزرع في العقول في الصغر ينمو ويستمر بالازدهار، ومن هنا يمكننا الوصول إلى تمكين المرأة وبلوغ مراتب متقدمة في عملية التنمية البشرية.

العدد 1105 - 01/5/2024