لآمال متجددة.. نغنّي

 حين تنساب سنوات العمر كجدول متدفق يخطُّ مساره في فضاءات الزمن، تصير الأعياد مؤشراً متسارعاً بين عقارب الوقت..وحين يحطُّ شلّال العمر رحاله في بحر الحياة، تُصبح قادمات الأعوام مسرحاً متسارع الإيقاع ستخبو أضواؤه رويداً رويداً وصولاً إلى خاتمة ربما مشتهاة..

لكن، عندما تكون الأعوام حافلة بقهر وحزن مستديم، تفقد الأعياد بهجتها، وتغدو متواليات لاتّشاح السواد والعبثية تجاه الزمن الآتي، ليأسٍ تغلغل في النفوس المعذّبة.. هي الحرب بما حملت، وما زالت تشنُّ غارات حقدها اليومي على أيامنا وأعوامنا وأعيادنا، ليغدو الأمل بالخلاص أنشودة يومية، وتعويذة تُرتّلها الأمهات في صباحاتنا والمساء..

حتى الطبيعة خالفت مسارها، واختطّت اتجاهاً معاكساً للمألوف، ربما حزناً على أيامنا.. وربما تمرّداً على واقع خالف كل قيم الأخلاق والإنسانية.. فالأشهر الأخيرة من العام جاءت على غير عادتها، مشرقة بشمس أقصت عنّا ما ننتظر وتنتظر أيامنا القاحلة وأرضنا العطشى للخير والمطر، في قسوة ربما استمدّتها الطبيعة من حرب التهمت كل معايير العطاء.

ولأننا (محكومون بالأمل)… ولأن (على هذه الأرض ما يستحق الحياة) سنبقى على قيد إنسانية تمدّنا بصبر عزّ نظيره في مواجهة كل تبعات حرب مجنونة.. مثلما سنبقى على قيد كرامة معتّقة في وجداننا والضمير، هي نسغنا وكل ما نملك في وطنٍ جلاّدوه تركونا في مهبّ رياح الفقر والجوع والجهل والحرمان، لكننا على عشقه باقون ما بقيت الحياة مغرّدة في فضاءات عمرنا…

ولم يبقَ لنا سوى آمالٍ رحّلناها من أجندة الأعوام السالفة، لتكون على قيود عام جديد نأمل أن يحمل لنا مع تباشيره الأولى وقفاً نهائياً لشلال الدم الهادر في البلاد.. كما نأمل دوماً ونحلم بأمانٍ صار من منسيّات حياتنا، وأمنٍ يعيد لأيامنا انسيابية حركتها وحيويتها بلا قلق ولا خوف، ليعُمّ السلام ربوع كل شبر من سورية التي غنّت لها فيروز صادحةً:

شامُ يا ذا السيف لم يغبِ

يا كلام المجد في الكتب..

قبلكِ التاريخُ في ظلمةٍ

بعدكِ استولى على الشّهب..

وستبقى آمالنا للعام القادم نهراً متجدّد العطاء..

فهل لتلك الأماني المعلّقة على عرائش الأمل أن تُزهر يوماً..؟

إ . و

العدد 1107 - 22/5/2024