تحية إلى المرأة السورية في يوم المرأة العالمي

 نتذكر في هذا اليوم الاحتفالات الجميلة التي كانت تقام في جميع المحافظات السورية مدناً وأريافاً، فقد كانت رابطة النساء السوريات تقيم الاحتفالات والرحلات إلى الأماكن الجميلة بصحبة الصديقات والرفيقات وأطفالهن، وتؤكد أن اليوم القادم سيكون أفضل وتكون مطالبهن بدأت تتحقق تباعاً مثل زيادة نسبة النساء الحاصلات على الشهادات العالية من الجامعات السورية وغيرها، والتوسع في فرص العمل المتنوع التي دخلتها النساء بأعداد كبيرة وقامت بأدوار جيدة على الصعد والمستويات كافة، وحصلت على الدرجات العلمية بكل أنواعها.

ولكن ما حصل منذ سنوات خمس في وطننا الغالي سورية من حرب ظالمة دفع شعبنا فيها الثمن غالياً جداً من الشهداء والجرحى، وانهيار الاقتصاد السوري وتراجع الصناعة والتجارة وكل أوجه الإنتاج، وسُرقت خيرات الوطن جميعها وطغى الفساد والفوضى، واستشرى الغلاء، واستنزفت إمكانات الشعب السوري وصولاً إلى ارتفاع مستويات الفقر والعوز بنسبة مخيفة.

يأتي الثامن من آذار (يوم المرأة العالمي) هذا العام، وكلنا أمل بإيقاف هذه الحرب الظالمة على وطننا وشعبنا، التي أصبحت على مشارف العام السادس.. فكيف لنا أن نتبادل التحيات والمعايدات ووردات المارغريت البيضاء التي كنا نستقبل بها الوافدات إلى الاحتفالات ونعلّق لكل واحدة على صدرها، تلك الوردة البيضاء مقرونة بالترحيب والمودة والأمل بالغد الأفضل، ولكن في ظروف الحرب الظالمة هذه باتت الاحتفالات باهتة ومتضمنة الحسرة والأسف لما وصلنا إليه.

إن المعايدات أصبحت تتم على صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة، والتي سندعو فيها النساء السوريات الكبيرة والصغيرات الموجودات داخل الوطن وخارجه إلى أن لا يفقدن الأمل بعودة الأمن والسلام إلى سورية الوطن الغالي الذي سيعود بشكل أبهى وأنقى، بهمة أبناء شعبه الميامين المدافعين عن حماه، من أجل بناء غده الأفضل. ستعود سورية المحبة المعطاءة التي ستنهض من تحت الركام والهدم، وتنفض عن كاهلها كل ما أعاق تقدمها وتطورها، وتعود خيراتها إلى شعبها.

إن النساء السوريات ينتظرن القوانين العصرية التي تستند إلى حق المواطن والمساواة في الحقوق والواجبات ما بين المواطنين كافة دون أي تمييز على أساس الأصل أو الدين أو الجنس أو اللغة أو العقيدة.. لاشك أن القوانين ستكون على أفضل شكل، وستجد المرأة السورية نفسها تختار ما تريد أن تدرس، وتجد العمل المناسب لدراستها ومزاجها، وسيكون القرار لها باختيار شريك حياتها، ويتعاونان معاً على تربية النشء الجديد ويتساويان في الحق بما يخبيانه معاً في حياتهما المشتركة. ولابد أن تتمكن المرأة السورية من إعطاء جنسيتها لأولادها من زوجها غير السوري وحتى إلى زوجها عملاً بكل المواثيق والقوانين السورية المتطورة والمتمدنة التي تعطي كل ذي حق حقه، أكان امرأة أم رجلاً أم طفلاً أم شاباً.

إننا نرى لزاماً على الوطن العائد من هذه الحرب الظالمة أن يثور على الظلم أينما وجد، وأن يقضي على العنف بكل أشكاله، لأن الشعب السوري شبع ظلماً وعنفاً في هذه السنوات الخمس.. إننا نرى ضرورة إصدار قانون جديد للعائلة السورية ينص على الحقوق المتكافئة بين أفراد العائلة جميعهم ليتكون الوطن السوري الراقي الإنساني العادل.

إننا نحلم بسورية الخالية من الأمية التعليمية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية. إن النساء في سورية أعطين الكثير للوطن الغالي، وساهمن بكل المجالات التي تخدم الوطن، فالمرأة السورية هي أم الشهيد الصابرة وزوجة الشهيد وأخت الشهيد وابنة الشهيد، وجميعهم صامدات مكافحات مثل كل أبناء هذا الوطن، فيليق بهن أفضل مستقبل وأفضل حياة وأفضل الأعياد.

إن سورية الأم الحنون التي يحن إليها أبناؤها أينما حلوا، وهي تحتضن الجميع وتتمنى الخلاص من هذه الحرب الظالمة وأن يعود أبناؤها الذين أرغموا على الهجرة، ويساهموا بإعادة بناء سورية، وتعود مواسم الأعياد ومواسم القمح والقطن والعنب، ليزهر الياسمين والفل والجوري كما كان وأفضل.

العدد 1107 - 22/5/2024