مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على فكر الفرد

 تطورت وسائل الاتصال بين البشر حديثاً بصورة سريعة، فبعد أن كان الاتصال قديماً يجري عن طريق الحمام الزاجل والرسل، تطور الأمر إلى البريد الورقي والهاتف وغيره حتى وصلنا إلى قمة التطور في طرق التواصل والاتصال، فظهر الهاتف الخليوي والشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، فصار العالم كأنه قرية صغيرة لا تباعد بين أقطارها، وأصبح البشر يتواصلون بعضهم ببعض بيسر وسهولة ودون حواجز، وتخطّوا عقبات المسافة والحدود الجغرافية.

وقد ظهر حديثاً في صورة من صور التطور في التواصل عدد من المواقع الاجتماعية، فكان منها مثلاً موقع الفيسبوك، وتويتر، فقد أتاحت هذه المواقع الاجتماعية للناس فرصة التواصل بوضع الصور والتواصل عن طريق الكتابة والمحادثة الصوتية، بل إن هذه المواقع قد أتاحت للناس فرصة التعلّم والتعليم ومشاركة ملفات الفيديو المختلفة ومتابعة الأخبار بصورة آنية محدثة دائماُ، فشبكات التواصل الاجتماعي ساهمت ببناء قاعدة علمية ومعرفية، وسهّلت الوصول إلى المعلومة التي صارت بمتناول الجميع.

وقد بات استخدامها ظاهرة منتشرة وخاصة لدى جيل الشباب لما تعطيهم من حرية في إبداء الرأي وتبادل الآراء والأفكار والنقاشات في كثير من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كما أنها أصبحت وسيلة للشهرة ولتشجيع الكثيرين ممن لديهم مواهب مختلفة، كالكتابة أو الرسم أو التصوير، على تقديم أنفسهم للمجتمع وإثبات ما عجزوا عن تقديمه على أرض الواقع لصعوبة تقبّل المجتمع لمواهبهم. كما أثبتت أنها وسيلة ناجحة للإعلانات وللأعمال التجارية. وساهمت الكثير من الصفحات في زيادة الوعي العلمي والسياسي والاجتماعي لدى جيل الشباب، وطوّرت الكثير من الإمكانيات لديهم في مجالات اختصاصاتهم، وحفزت المتقاعسين والمترددين على تطوير ذواتهم.

لكن مواقع التواصل الاجتماعي، كغيرها من وسائل التكنولوجيا، لها آثار إيجابية وأخرى سلبية، وخاصة لمن يسيئون استخدامها ويجعلونها منبراً لبثّ أفكارهم المتخلفة والسلبية، أو من يستخدمها لأغراض غير أخلاقية، فهي في النهاية تعكس تربية مثل هؤلاء الأشخاص وتفكيرهم. فهم كمن يبث السم بالدسم، ويدخلون من باب الدين أو السياسة أو… فمن لا يملك الوعي والخبرة الكافية سوف ينجرّ وراءهم ويتبنى أفكارهم دون أدنى فكرة عما فعلوه به.

كما أن المعلومة التي تُنشر على مثل هذه المواقع لها تأثيرات نفسية واجتماعية وسلوكية على الفرد، فهي عملية عقلية لها تداخلات عديدة تؤثر على الفرد بشكل أو بآخر. وإن ما حصل في بلداننا العربية نموذج مثالي لتأثير المعلومات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي وآخر سلبي في حياتنا.

فإما أن نحسن استخدام هذه المواقع والاستفادة منها لتطوير أنفسنا وبلداننا، أو أن يساء استخدامها ونساهم في تراجع بلداننا وتخلفها، وهذه مسألة تابعة بالدرجة الأولى لعقلية الفرد وتفكيره.

العدد 1107 - 22/5/2024