الانتخابات البرلمانية.. لا للجديد!

 تعتبر نسب المشاركة في أي انتخابات أحد أهم أعمدة العملية الديمقراطية، فبالرغم من أن هناك الكثير من العوامل التي قد تجذب الناخبين للصندوق أو تجعلهم ينفرون منه، فإن نسب المشاركة تعتبر المرآة الأصدق لأي عملية انتخابية، فهي تعد مقياساً حقيقياً لمدى رضا الشعوب عن سياسات حكوماتها ومسؤوليها.

على الرغم مما حدث في سورية، وبعد كل هذه الأخطاء والحرب التي أنهكت البلد والشعب، والتي كان أحد أسبابها عقول المتشبثين بالتكتلات الحزبية أو الطائفية أو العشائرية، فإننا نراهم اليوم من أوائل المترشحين للبرلمان السوري!

نرى الوجوه نفسها والأسماء تتكرر، الحملات الانتخابية نفسها والشعارات البراقة التي لا تتجاوز حدود اللافتات التي كتبت عليها. فعلى الرغم مما حصل وما يحصل الآن من فساد واستغلال و… والذي كان السبب الأكبر لما أوصل بلدنا إلى هذه الحالة، ما زلنا بعد ست سنين نرى الفيلم يعاد ويتكرر بممثليه وكومبارسه، وحتى الموسيقا التصويرية نفسها التي أعتاد الناس سماعها.

هنا يتبادر إلى أذهاننا السؤال الأهم: هل الخلل في الشعب الذي يتقاعس عن التصدي لمثل هؤلاء المنتحلين صفة الوطنية في أدوارهم كافة ؟ أم الخلل في فهمنا لمثل هؤلاء ولمنهج تفكيرهم المبرمج وفق طريقة واحدة تحددها انتماءاتهم، والذين يجيدون لغة الكلام فقط.؟ أم أن الخلل في النزعات الطائفية والعشائرية والحزبية الضيقة التي ما زالت تحكم أذهان الناخبين؟

أم الخلل في الوفرة المالية الحالية وسط ضمائر ميتة ومصالح متنامية لحيتان بشرية تأكل ولا تشبع، وتسرق ولا تمل؟

أم الخلل في أن ما يُطرح هو كلام جميل ومثالي في غير وقته من أفكار مثالية وتطبيق أسوأ من السيئ والناس نيام؟ ومما لا بدّ من الإشارة إليه حالياً، هو قضية انعدام ثقة الناس بالوعود الانتخابية، فقد ثبت فشل كل من وعد بشيء وتراجعه وتراخيه ، مما أدى إلى انعدام الثقة بما يطرح الآن وما سيطرح. للقضاء على هذه الظاهرة يجب أن يتبع المرشحون:(اعمل.. ودع أعمالك تتكلم عنك) وأن يتركوا الوعود الانتخابية والفنون الكلامية ويتجهوا إلى العمل.

عندما نرى أسماء المرشحين هي ذاتها تتكرر وهم ممن كانت لهم مناصب ومسؤوليات سابقة، إضافة إلى حملاتهم الانتخابية التي عجّت بالوعود الزائفة التي تلاشت بمجرد فوز المرشح بالانتخابات، فحتماً سيفتقدون ثقة الناس، لأنهم باتوا بنظرهم ليسوا ممن يسعون لتطور البلد وتقدمه.

ومما بتنا نراه حالياً وخاصة قبل بدء الانتخابات بشهر، أن المقاهي تعج باجتماعات السماسرة والمحتالين الذين يودون شراء مقاعدهم بالمال وليس بثقة الناس ومحبتهم، فهي ظاهرة منتشرة بكثرة في الآونة الأخيرة.

كل هذه العوامل والأسباب باتت تجعل من الانتخابات البرلمانية قضية خاسرة في نظر الناس، فلا يصلح العطار ما أفسده الدهر. يجب أن نعتمد على جيل الشباب، فهو الجيل الذي سيقوم ببناء الوطن وتطويره والسعي به إلى أقصى درجات العلم، فنحن بحاجة إلى مرشحين مثقفين ومتعلمين وشباب، بحاجة إلى تجديد تلك الهيكلية التي باتت على وشك الانهيار.

أما بالنسبة للناخبين، فإن أغلبهم تابعين بشكل أو بآخر للمرشحين، بسبب صلة قرابة أو مصالح مشتركة، لا عن قناعة بالحملة الانتخابية أو بسبب الأعمال الصادقة التي قام بها المرشح فيما سبق.

العدد 1105 - 01/5/2024