بيان لندن.. أزمة مجموعة «أعداء سورية»!

أنهت مجموعة (أعداء سورية) اجتماع وزراء خارجيتها نهاية الأسبوع الماضي (15 أيار) في العاصمة البريطانية لندن، بإصدار بيان يكشف تخبط هذه المجموعة ومأزقها في التعامل مع الأزمة السورية. وأكد البيان مدى التناقض والفشل الذي يعانيه أعداء سورية (مجموعة ودولاً) في اتخاذ المواقف واعتماد السياسات التي تعبر عن عمق أزمتهم وتعارض فعلياً توجهاتهم المعلنة مع الحل السياسي الذي يتشدقون به.

منذ إنشائها تجمعاً لعدد من الدول الإقليمية والدولية، اختطت المجموعة توجهاً معاكساً مخالفاً لتطلعات الشعب السوري وقواه الحية، ومثلت موجهاً للوكلاء والأدوات (العربانية) والإقليمية المنشغلة سلباً بالأوضاع في سورية، وسعت إلى الحفاظ على إطار لعدد من هذه الدول أخذ بالتناقص والتقلص إلى تعداده الراهن، وهو يتعارض في توجهاته وخططه مع توجهات العدد المتزايد للدول التي باتت تتعاطى إيجاباً مع الأزمة السورية وتبعاتها، وصولاً إلى عدم قدرته على تشكيل قطب إقليمي – دولي فاعل في هذه الأزمة، واتساع تبايناته مع عملائه وأدواته.

ورغم الملاحظات (الفاقعة) حول ازدواجية مواقف هذه المجموعة، عندما كانت تضم العشرات من الدول، فإنها باتت مع تقلص عددها من جهة، وانفضاح مخططاتها من جهة ثانية، تعبر عن اتجاه سياسي مأزوم في التعامل مع تطورات الحالة السورية الميدانية وإنجازاتها، وإشكالية المعارضات والاقتتال الداخلي بين العصابات الجهادية- التكفيرية.

وأبرز المسائل التي أكدت أزمة هذه المجموعة في بيان لندن الأخير، تلخصت في الإقرار الاضطراري (النظري) مرة أخرى، بوحدانية (الحل السياسي الدبلوماسي، وفشل الحل العسكري). وتضمن هذا البيان في الوقت نفسه تعهدات باستمرار دعم المجموعة لـ(المعارضات) والمجموعات (المعتدلة)، وتزويدها بالأسلحة (غير الفتاكة). يتعارض البيان ويتناقض مع مواقف الغالبية في المجتمع الدولي، ومع آليات حل الأزمة، كذلك مع التطورات العديدة التي تشهدها سورية (الإنجازات الميدانية الوطنية، المصالحات المناطقية، الحوار الوطني، إعادة البناء.. إلخ)، ومع احترام السوريين وتمسكهم باستحقاقاتهم الوطنية الرئاسية (الانتخاب الرئاسي) والشعبية أيضاً، ورفضهم التدخل في شؤونهم وقضاياهم السيادية.

وهذا ما يجعل هذه المجموعة وبيانها اللندني الذي يرفض الاستحقاق الانتخابي – الرئاسي، ويصفه بأنه غير شرعي، ويرفض مسبقاً نتائجه، في تناقض مع مواقف الشعب السوري، الذي يؤكد التمسك بسيادته واستقلال قراره، ويلقى تأييداً ودعماً من الدول المنشغلة إيجاباً بالأزمة السورية، عبرت عنه تصريحات العديد من مسؤوليها. أما تصريحات وزراء خارجية هذه المجموعة (جون كيري، وليام هيغ.. إلخ) حول إشكاليات إنجاز هذا الاستحقاق بسبب الحالة الراهنة، فيكفينا تأكيد مسؤولية هذه الدول، في إعاقة الحل الدبلوماسي، والاستمرار في انتهاج توجهات أثبتت الوقائع فشلها، رغم آلامها ومآسيها وخسائرها الباهظة على الصعد كافة.

وأما مواقف المجموعات المعارضة التي تعاني أيضاً أزمة في مواجهة التطورات الإيجابية الميدانية للحالة السورية، وتباينات وحرجاً مع هذه المجموعة أولاً، حول إمكانية تعديل موازين القوى، وإصرارها في الوقت نفسه على التمسك بهذه الأسطوانة المشروخة، فإنها باتت تواجه مأزقاً استراتيجياً بدءاً من تعارضات أطرافها، إلى انعدام مصداقيتها، مروراً بالتراجع الكبير في إمكاناتها وتحالفاتها. وتزداد الأمور مأسوية للمجموعات والعصابات الإجرامية التي تتقهقر وتتراجع على الأرض، وينحسر بشكل كبير نفوذها، مترافقاً مع الاقتتال الداخلي الدموي بين أطرافها، في المناطق التي مازالت خارج سلطة الدولة السورية. وتظهر حقيقة هذه العصابات وواقعها من جهة ثانية، والرفض الواسع المتنامي للشعب السوري ضدها من جهة ثانية.

مأزق مجموعة (أعداء سورية)، والانفضاح المتواصل لمخططاتها، وواقع المعارضات المرتبطة وأزماتها، مروراً بالرفض الشعبي الكبير للعصابات المسلحة، مؤشرات هامة للحالة السورية وللمنشغلين فيها سلباً أو إيجاباً. في الوقت الذي يواصل فيه السوريون إنجازاتهم، ويصرون على التمسك بسيادتهم واستقلالية قرارهم، وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية، ويستندون في ذلك كله إلى صحة علاقاتهم وتحالفاتهم ودقتها أيضاً.

العدد 1105 - 01/5/2024