كفانا موتاً.. إننا نهوى الحياة ما استطعنا إليها سبيلا

 السوريون على مرّ التاريخ والأزمان شعب يعيش الحياة بكل أبعادها المحمّلة بالفرح والحب والأمل.. مثلما هي سورية بلد الجمال والأمان والسلام.. ومن ذلك اكتسبوا سمعة عالمية جعلت من سورية موئل الباحثين عن الجمال والسعادة.. وموطناً للذين ضاقت بهم ديارهم وبلادهم…السوريون شعب لا يهوى الحروب والموت والخراب، لكنهم ابتلوا بحرب هي الأقذر والأقسى والأشنع مما عرفته البشرية منذ الحرب العالمية الثانية، من حيث الموت والدمار والقهر متعدد الأشكال والاتجاهات.

حرب فرضتها مصالح دولية واسعة، وأخرى محلية ضيّقة لا تتعدى شهوة السطوة والسلطة والمال والتبعية المُخزية، على حساب خراب بلد بكل ما فيه من مقومات البلدان من صناعة وتجارة وزراعة وعلم، وكل ما يحتويه من تراث وآثار تتغنى الشعوب ببهائها، فأُدرجت في سجلات التراث العالمي، مثلما هي حرب على حساب شعب يسعى للتميّز والحضارة بين الشعوب، شعب رفد البشرية والمجتمعات بخيرة العلماء في كل المجالات، شعب يكفيه فخراً أن معظم مؤسسي الجامعات العربية ومُدرسيها هم سوريون، أمثال ساطع الحصري وبكري قدورة ورشاد فرعون وعثمان الحوراني وعبد الله عبد الدايم وغيرهم كثيرون.

من هنا يمكننا أن نُدرك الأبعاد والأهداف لتلك الحرب الهمجية، التي أطاحت ودمّرت مدناً بأكملها، مثلما شرّدت وهجّرت شعباً صار أشلاءً مبعثرة في أرجاء المعمورة بعد أن كان ملاذ اللاجئين والتائهين، والهاربين من نير الطغيان والحروب…أجل، هي حرب يهدف حطّابوها ووقّادو نارها أن يعيدوا تشكيل المنطقة بما يتوافق مع أطماعهم في مخزون البلاد وثرواتها، مثلما يهدفون لطمس معالم حضارة عمرها آلاف السنين وآثارها، وإبادتها، ويسعون كذلك لترويض شعب لم يرضخ يوماً لأعتى أشكال الاستعمار والاستبداد،لكنهم اليوم يتحدثون باسمه في كل المحافل، وهم غافلون ومتغافلون عن أنه لو تُرك الخيار لشعب سورية، لانتهت تلك المأساة ولما طال أمدها كما يريد نيرون مصالحهم. فيا أيها الطغاة والقتلة والسفاحون.. يا كل مجرمي الحروب وتجّارها وسماسرتها، كفاكم طغياناً واستباحة لحياتنا، لأماننا وسلامنا.. أوقفوا آلة حربكم هذه، فنحن شعب يهوى الحياة ما استطاع إليها سبيلا.

العدد 1107 - 22/5/2024