فوضى التعليم في ظل الحرب

عُرفت سورية قبل الأزمة بتقدمها في مجال التعليم المدرسي والجامعي، إذ بلغت مستويات الالتحاق بالمدارس الابتدائية 97% وبحسب دراسة صدرت عن منظمة اليونيسيف، فقد انحدرت وتيرة التعليم بشكل حاد في السنوات الخمس الماضية، إذ أُجبر نحو ثلاثة ملايين شخص على التوقّف عن التعليم بسبب الحرب التي دمرت مدارسهم وجامعاتهم، واضطرار عدد كبير من الأسر إلى مغادرة البلاد. فالحرب الدائرة الآن، لم تترك تأثيرها على الجانب الاجتماعي والاقتصادي فقط، وإنما شملت الجانب التعليمي أيضاً.

كذلك تراجع مستوى التعليم في الجامعات السورية خصوصاً في المناطق التي شهدت معارك عنيفة، كما أن عدداً كبيراً من أساتذة الجامعات السورية اضطر للسفر خارج البلاد، فاقتصر التعليم في بعض الجامعات على معيدين أو طلبة ماجستير مما أضعف من جودة التعليم في جامعاتنا.

ومن أهم الحوادث التي بتنا نسمع عنها كثيراً وخاصة في فترة الامتحانات هي: 

1- اعتماد طلاب (الشهادة الثانوية) على ملخصات ونوط مختصرة، مما يجعلهم يستغنون عن الكتاب بشكل كامل، إضافة إلى حالات الغش وإدخال مصغرات إلى قاعات الامتحان وتغاضي المراقبين عن كتابة ضبط أو حرمان الطالب، وذلك خوفاً من أن يكون الطالب/ة (مدعوماً) (تُروى قصص مرعبة عن امتهان مكانة المدرّس وشخصيته من قبل أولئك الطلبة).

ففي امتحانات الشهادة الإعدادية هذه السنة سمعنا بحالة لم نسمع عنها من قبل وهي تعرّض أستاذ للضرب على أيدي بعض الطلبة، وذلك لأنه منعهم من الغش مما أودى بالأستاذ إلى المشفى وبالطلاب إلى السجن.

2- ظهور بعض الحالات السلبية والمُسيئة ضمن الجامعات الحكومية والجامعات الخاصة، من مثل تفشي اصطلاح (شراء المادة من الدكتور) أو أن يعتمد الدكتور على نوطة أو ملخص بكتابة يده، أو بيد أحد الطلبة، ويضعها قبل الامتحانات بمدة قصيرة في إحدى المكتبات، ليقول للطلاب إنها مهمة للامتحان دون أي رقابة من وزارة التعليم العالي على مثل هؤلاء الأشخاص.

و لكن الحرب لم تترك جانباً في حياتنا كسوريين إلاّ وأنشبت به براثنها. فكل تلك الأساليب أو الحيل التي يعمد إليها بعض الأساتذة أو دكاترة الجامعات هو بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية وتدني القيمة الفعلية للمدخول الشهري، والانتشار الكبير للمبادئ والقيم التي أساسها المصلحة والمادة. 

العدد 1105 - 01/5/2024