لا يأتي الفرح بالموت

اعتاد الإنسان منذ عهود سحيقة التعبير عن مشاعره وانفعالاته في المناسبات التي تصادفه بأشكال متغيّرة وفقاً للتطور الزمني الذي يرافق الإنسان بكل أدواته وأشكاله. وقد عرفت المجتمعات الإنسانية الحديثة أشكالاً متنوعة ومتعددة للاحتفال بمناسباتها العامة والخاصة، سواء بالرقص والغناء والأهازيج الشعبية، وبأشكال أكثر هدوءاً وخشوعاً في حالات الحزن، وليس بخافٍ استخدام الألعاب النارية احتفالاً بحلول رأس السنة الميلادية مثلاً وفي مختلف بلدان العالم، لكنها تبقى في إطار الألعاب كما تسميتها، بمعنى أنها محمية ومُحصنّة إلى حدّ ما ووفق القانون السائد في كل بلد.

ولكن إذا ما ألقينا نظرة على واقع مجتمعاتنا العربية عموماً، ومجتمعنا السوري بشكل خاص ما قبل الأزمة كي نكون موضوعيين، فقد اعتاد بعض الناس استخدام الرصاص للتعبير عن مشاعرهم سواء في الحزن(تشييع) أم في الفرح بشكل عام، وهذا ما رفضه القانون السوري، وفرض عقوبة ضدّ من يقوم بذلك، وقد تطول العقوبة صاحب المناسبة حتى لو لم يقم هو بالفعل.

أمّا اليوم، وبعد سنوات خمس من الحرب، صار السلاح وبكل جرأة وعلنية هو التعبير الأوحد عن المشاعر والانفعالات للأسف في ظاهرة باتت مرعبة ومُقززة بآنٍ واحد، ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل تعدّاه إلى أن أيّ خلاف بين الناس صار لا يجد طريقاً للحل إلاّ عبر السلاح في ظل غياب الرقابة التّامة التي كانت موجودة سابقاً ولو بالحدود الدنيا.

وهذا ما يترك الناس في حالة قلق دائم من أيّ شجار يقع أو مناسبة تحلّ، لأن لا بدّ أن هناك من سيدفع الثمن من حياته وأمانه، وكأنه لا يكفينا ما لاقينا حتى الآن من مآسٍ وموت ودمار..!! فهل تتخذ الجهات المعنية والمسؤولة عمّن حملوا السلاح وهم لم يعوا بعد مسؤولياتهم جيداً؟ هل تتخذ موقفاً مسؤولاً وصارماً بحق من يخالف القانون، ويستخدم السلاح في غير موضعه وظرفه الأساس..؟؟؟؟

العدد 1107 - 22/5/2024