أمانة السجل المدني بحلب… الواقع والصعوبات

الظواهر التي يجدها المواطن في أمانة السجل المدني في حلب يمكن حلها بحلول غير معقدة وغير مكلفة، وتسهل على الطرفين، المواطن المحتاج للخدمة، والموظف المكلف بتقديم الخدمة.

أما على صعيد المواطن المحتاج للخدمة، فتصوروا أن ثلاثة أجهزة (حواسيب) للاستعلام فقط تخدم أعداداً هائلة يومياً، فمن ينظر إلى القاعة الكبيرة (في محطة بغداد) ممتلئة عن آخرها بالمواطنين الذين يلوبون بين الطوابير الطويلة، رغم أن الأجهزة الثلاثة التي تختص بإعطاء الرقم الوطني ليستكمل المواطن حاجته في الشُعب في كوى أخرى بطوابير أخرى، قد لا تنهي الحصول على (إخراج قيد) قبل الساعة الثانية.

ألا تستطيع الجهات المسؤولة عن قلة الأجهزة أن تؤمن ضعف العدد الموجود، فتقل المعاناة إلى النصف؟! وربما ببعض التنظيم إذا زادت الأجهزة أن تنتهي المعاناة وأن يستطيع المواطن تأمين حاجته خلال ربع ساعة كما يفترض أن يكون؟!

أما على صعيد الموظف المكلف بالخدمة، والذي نريد منه التفاني في عمله، فتصوروا ألا تتوفر له شروط الحد الأدنى كيلا يفشل في عمله أو يقصر فيه.

فعلى صعيد العاملين عانوا كثيراً في إمكانية متابعة عملهم، بسبب انتشارهم الجغرافي البعيد عن مركز المدينة وتوزعهم على كل المناطق، وخصوصاً بعد أن نقل جميع العاملين إلى مركز المدينة بعد سيطرة المسلحين على مناطقهم.

وهنا كان الصراع مع الواقع القاسي جداً لهم، فمن المواصلات التي أصبحت تستهلك رواتبهم كاملة، بل يزيد، إذا اضطر للاستئجار، ويصعّب كل ذلك بعدهم عن ذويهم في ظروف أمنية متغيرة.

ولكن بعد هذا كله، ألا تتوفر شروط الحد الأدنى للعمل، وهي الكرسي والطاولة، التي سيجلس إليهما لينجز خدمة المواطنين، كذلك التخبط الإداري في توزع العمل، والقرارات المشينة بحق موظفي الأمانة والشُّعب.. فمن تقطعت بهم سبل الوصول إلى مقرات عملهم بسبب انقطاع الطريق مرة، وبسبب إغلاق المعبر مرات أخرى، فماذا فعلت الإدارة؟

ما كان من الإدارة الكريمة أن تراعي ظروف الأزمة ومنعكساتها عليهم، بل قامت بوقف رواتبهم وإلزامهم بالدوام حتى يأتي قرار صرفها ثانية، ومنهم من أوقف راتبه أكثر من ثلاثة أشهر، ومازال ينتظر أن يفرج عنه، يضاف إلى ذلك معاناته أنه عليه الالتزام بالدوام خلال ذلك، بما يعني مصروف التنقل ومصروف الإيجار أو المبيت في الفنادق أو الإقامة المجانية في أي مكان بلا شروط إنسانية (سيارة، جامع، أقارب)، ما اضطر بعضهم إلى ترك عملهم والانزواء في منازلهم.

هل يستطيع الموظف في ظروف كهذه أن يقدم الخدمة اللازمة للمواطن، بعد كل هذه المعاناة؟

العدد 1105 - 01/5/2024