حصة رومني العادلة

أصبحت الضرائب على دخل ميت رومني مسألة أساسية في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية. هل هذا جزء من السياسة التافهة، أم أنه مهم في حد ذاته؟

الفكرة الرئيسة الكامنة وراء السجال السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية تتمحور حول دور الدولة والحاجة إلى فعل جماعي. فالقطاع الخاص، الذي يعدّ أساسياً في الاقتصاد الحديث، لا يستطيع تأمين نجاحه بمفرده.

أكثر من ذلك، وفي ما يتعدى التشريع الفعّال فإن الاقتصادات الحديثة تنهض على الابتكار التكنولوجي، الذي يفترض بحثاً أساسياً تموّله الحكومة. هذا يشكل مثالاً على الخير العام، أي الأشياء التي نستفيد جميعاً منها، لكن (أو التي قد تختفي تماماً) فيما لو قرّرنا الاعتماد في إنتاجها على القطاع الخاص.

ويقلّل السياسيون المحافظون في الولايات المتحدة من أهمية التعليم والتكنولوجيا والبنية التحتية الممولة حكومياً. الاقتصادات التي توفر فيها الحكومة هذه السلع العامة تسجل أداء أفضل بكثير من الاقتصادات التي لا توفرها. على أن السلع العامة يُدفع ثمنها، ومن الملح جداً أن يدفع كل فرد حصته العادلة منها. وإذا كان هناك خلاف على ما قد يستتبعه ذلك، فإن القابعين في أعلى سلّم توزيع الدخل الذين يدفعون 15 في المئة من مداخيلهم المصرّح عنها، هؤلاء لا يدفعون جلياً حصتهم من الضريبة.

ثمة قول مأثور مؤداه: إن الأسماك تتعفن من الرأس. وإذا كان الرؤساء ومن لف لفّهم لا يدفعون حصتهم العادلة من الضرائب، فكيف يمكننا أن نتوقع من الآخرين أن يدفعوا؟

ويجادل المستثمر الملياردير وارين بافيت بأن عليه أن يدفع الضرائب المتوجبة عليه فحسب، ويؤكد قائلاً إنه لا بد من وجود خطأ جوهري في نظام يفرض على دخله ضريبة ذات معدّل أقل بكثير مما يتوجب على سكرتيرته أن تدفع. وبافيت على حق في ذلك. وتجب مسامحة رومني فيما لو أخذ موقفاً مماثلاً. بيد أن رومني لم يفعل ذلك. وهو لا يعترف بوضوح بأن نظاماً يفرض ضرائب على المضاربة بمعدل أقل بكثير مما يفرض على العمل الشاق سيؤدي إلى تدمير الاقتصاد.

وثمة حلقة مفرغة أخرى: اللامساواة الاقتصادية تترجم إلى لامساواة سياسية، التي تعزّز الأولى أيضاً، وذلك من خلال نظام ضريبي يتيح لأناس مثل رومني، الذي يصر على أنه خضع لضريبة دخل بنسبة (13 في المئة في الحد الأدنى) في السنوات العشر الأخيرة، يتيح لهم عدم دفع حصتهم العادلة. قد لا يكون رومني من المتهربين من دفع الضرائب، إذ لا يمكن الخلوص إلى ذلك إلا بعد إجراء تحقيق معمق من (دائرة الإيرادات الداخلية) الأمريكية. لكن، مع الأخذ بالحسبان أن معدل الضريبة الأقصى على الدخل يبلغ 35 في المئة، يمكن اعتباره من المتهربين من الضريبة على نطاق كبير.

جوزيف ستيغليتز

حائز جائزة نوبل للاقتصاد.

ترجمة: حسن الحاف

العدد 1105 - 01/5/2024