الحكومة الجديدة.. هل تزيحهم عن مقاعدهم الوثيرة؟

خاطب فرانكلين روزفلت الشعب الأمريكي في حفل تنصيبه رئيساً للبلاد، في خضم الأزمة اقتصادية الكبرى عام 1929 قائلاً: (لقد رحل تجار العملة عن مقاعدهم الوثيرة داخل معبد حضارتنا، والآن يمكننا استعادة معبد الحقائق القديمة).

روزفلت يشير هنا إلى ما جاء في الكتاب المقدس، حين طرد السيد المسيح تجار العملة من الهيكل المقدس، بعد أن حوّلوه إلى (مغارة لصوص).

في يومنا هذا، وبعد عشرات النكبات التي تسبب بها سماسرة الأوراق المالية، وتجار الصفقات المشبوهة، واللاعبون في بورصات العالم، والفاسدون المقتنصون للفرص في الظروف الصعبة التي تواجه الدول النامية، وبعد الانهيار الكبير في 15 أيلول 2008 ومليارات الدولارات التي تكدست في خزائنهم،من سيزيح هؤلاء عن مقاعدهم الوثيرة في هيكل الاقتصاد العالمي، وفي هرم السلطة السياسية والاقتصادية في الدول الفتية؟

لن نعود هنا إلى الأسباب التي أدت إلى تفشي سرطان الفساد في سورية، فقد كتبنا حول هذه المسألة مراراً،كذلك لن نسهب في بيان أضرار الفئات الفاسدة وممارساتها الدنيئة في ظل الظروف الصعبة التي تواجه شعبنا وبلادنا، في تصديهما للعدوان الخارجي المتعدد الأشكال، هذه الممارسات التي ترتقي إلى مرتبة الخيانة العظمى.. لكننا ونحن على أعتاب مرحلة يراد لها أن تكون بداية لعملية إعمار سورية، هل نستطيع إنجاز المهام الجسيمة لتنفيذ هذا الاستحقاق بوجود شبكة الفساد التي كانت ومازالت تتغلغل في أوساط عليا.. ودنيا، جانبية وداخلية.. وخارجية، وتعيق جميع الجهود المخلصة لبناء سورية الجديدة..الديمقراطية، المحققة لتنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة ومستدامة؟

الفاسدون.. والمرتشون.. والمتلاعبون المتاجرون بالقطع الأجنبي..وتجار الصفقات المريبة ومستغلو المناصب الرسمية الرفيعة، والمتهربون من دفع الضرائب من رجال الأعمال، ومقتنصو الأرباح الخيالية، وسماسرة التعهدات والمناقصات الحكومية، ممن لم تتصدر فضائحهم حتى الآن واجهات الصحف.. جميع هؤلاء يتربعون اليوم على مقاعدهم الوثيرة في معبد أزمتنا.. وظروفنا الاستثنائية التي أفقرت جماهيرنا الشعبية وعذبتها.

فهل ستزيح حكومتنا العتيدة، التي نتوقع تشكيلها خلال أيام، هؤلاء، عن مقاعدهم الوثيرة؟

العدد 1104 - 24/4/2024