ديون التأمينات على طريق الهدر مرة ثانية

حاولت مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وماتزال تحاول، المحافظة على وجودها وكيانها، رغم كل النفحات الليبرالية، ومحاولات تغيير بوصلة الاقتصاد الوطني، وهي تمثل الملاذ الآمن للعمال، وخاصة المتقاعدين منهم. إلا أن محاولات بعض الجهات العامة استهداف هذه المؤسسة، يثير الكثير من التساؤلات حول أهداف هذا الاستهداف ومقاصده؟ وفي الوقت عينه لجهة مخالفته للأنظمة والقوانين؟ إذ إن عدداً من الجهات العامة، تشير المعلومات الأولية أن عددها يتجاوز العشرات لا تحوّل حصة المؤسسة من الاقتطاعات الشهرية (من رواتب وأجور العاملين) إلى حساب المؤسسة، وهذا أعمق أنواع الفساد المعلن، وأكثر المحاولات استهدافاً بشكل مباشر للعمال والمؤسسة التي تحميهم. ورغم كل التعاميم الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء، والمطالبات المستمرة للمؤسسة، والكتب التي توجه للمحاسبين وآمري الصرف في المؤسسات العامة، لتحويل هذه المبالغ التي هي حق مشروع للمؤسسة وعمالها المنضوين تحت مظلتها، فإنهم لا يستجيبون، ويضربون عرض الحائط بكل هذه المطالبات، ولا ينفذون التوجيهات العليا، عدا أنهم بذلك يخرقون القانون.

عانت المؤسسة سابقاً من إجراءات الحكومات السابقة التي أطفأت ديونها، وتجاهلت رد الدين الكبير الذي قدمته المؤسسة بلا إرادة، ثم ذهبت الأموال أدراج الرياح، في خطوة غير مسبوقة للحكومات السابقة، لدفع المؤسسة إلى شفير الهاوية، والإفلاس، وبالتالي القضاء على أحد قلاع الحماية الاجتماعية في البلاد حكومياً.

السيناريو الذي يتكرر اليوم بامتناع عدد من الجهات العامة عن تحويل حصة المؤسسة وعمالها من التأمينات، أدى إلى أن التغطية في بعض فروع المؤسسة صارت سلبية، بمعنى أن المؤسسة ستبحث عن موارد لزوم تقديم الخدمات للمشمولين بأحكامها، والرواتب للمتقاعدين. لكن الحكومة هي التي تمارس هذا الدور السلبي، وتشجع البعض على عدم تسديد الالتزامات، بدليل تراخيها مع المحاسبين، ما يتطلب وقفة جادة لمنع هدر أموال التأمينات مرة ثانية.

العدد 1105 - 01/5/2024