نمر.. من منبر جمعية العلوم الاقتصادية: الاعتماد على الذات أولاً والاستعانة بالخارج بما لا يتعارض مع قرارنا السيادي

بيّن الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد حنين نمر، خلال ندوة لجمعية العلوم الاقتصادية بعنوان (الاقتصاد السوري من المحنة والكبوة إلى النهوض التنمية)، عقدت يوم الخميس 7 آب 2014 أن موضوع إعادة البناء يشكل تحدياً كبيراً أمام الجميع ويشكل منعطفاً مصيرياً أمام البلاد، مشيراً إلى أن اهتمام الإعلام بالموضوع أقل كثيراً من الاهتمام المطلوب، على الرغم من ضرورة إطلاق حملة للبحث فيه، وإن كان البعض يعتقد أنه من المبكر الآن الخوض في تفاصيل عملية إعادة البناء قبل تغير الظروف السياسية الراهنة، مؤكداً ضرورة وضع التصورات حول المستقبل فالأزمة والحرب مصيرهما أن ينتهوا، لذا يجب التحضير مبكراً للمستقبل بأشكال مختلفة.

وتابع الأمين العام قائلاً: (إن البحث في قضية إعادة الإعمار هو البحث في مجمل الوضع الحالي السياسي والاقتصادي والثقافي… الخ)، لافتاً إلى أن الأزمة السورية قضية مركبة، ولا يكفي الحديث عن سبل تمويلها سواء بالاقتراض أم استخدام الطاقات الداخلية وحدها، أو بالاستعانة بالخارج… مشيراً إلى ارتباط المسألة بالوضع السياسي السابق الذي لم يستطع أن يواكب التطورات المطلوبة في البلاد، ولم يوفر للاقتصاد الشرط والمناخ الطبيعي للتطور الذي يقع ضمن إطار المشاركة الشعبية التي تسمى الديمقراطية.

وشدد نمر على أن الديمقراطية مسألة هامة وهي ليست مسألة سياسية فقط، بل إنها مسألة تتعلق بكيفية تنظم المجتمع لنفسه تنظيماً حراً يتيح له أن يستغل الموارد المتاحة له أفضل استغلال، إذ إن كل نقص في هذه الناحية يؤدي إلى انعكاسها على الوضع الاقتصادي تحديداً، فينمو حين ذاك اقتصاد الظل والفساد والرشوة…، بعبارة أخرى تنمو كل المظاهر غير الطبيعية في الحياة. وقال: (لذلك أرى أن توفير إطار من النظام السياسي أكثر انفتاحاً يساعد على تحصيل واستثمار المزيد من الموارد المادية في البلاد، وإلا سيؤدي إلى حصرها بأيدي رجال الظل، أو تذهب ضحية الهدر والفساد بمختلف أشكاله وصوره، ويؤدي أيضاً إلى انحطاط المستوى الثقافي والتعليمي وكل ما يرتبط بهما. فالعملية مترابطة لأن الاقتصاد هو التعبير عن نشاط المجتمع بكامله). وأضاف: (طبعاً لا أعني أن ننتظر حتى تستقر كل الظروف السياسية والاقتصادية… فالواقع الموضوعي يدفعنا إلى الأمام وعجلة الحياة تسير، وشعبنا لا ييأس، وفعلاً هو ينتظر ويستعد للعمل)، مشيراً إلى ضرورة فتح صدورنا لكل الآراء والاتجاهات.

وفيما يتعلق بالتشاركية أكد أنه موضوع مهم، (فنحن لا نرى في الاقتصاد المغلق طريقاً للتنمية، لأننا في عالم مضطرون فيه بأشكال مختلفة للتعاطي مع الجميع، ولكن المهم هو كيف نتعاطى ولمصلحة من نتعاطى؟!)، وقدم مثالاً على ذلك أننا (يلجأ إلى الاقتراض الخارجي عندما نعجر عن استنفار إمكاناتنا الداخلية)، ورأى أننا لا نسير على الطريق الصحيح في هذا المجال، فمواردنا المحلية والطاقات الكامنة لدى الاقتصاد تفسح المجال أمام تحصيل نسبة كبيرة جداً من الموارد اللازمة لعميلة التنمية، ولا نقول كلها، وأشاد بالطروحات العديد التي طرحت خلال الندوة، والتي تبين ذلك كإيجاد مطارح ضريبية جديدة ومصادرة أموال الفاسدين بأشكال مختلفة، والاعتماد على الذات أسوة بفترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وتشجيع الصناعة المحلية ودعمها بوجود مؤسسات القطاع العام القوية التي كانت موجودة آنذاك، مع التأكيد على تشجيع القطاع الخاص الصناعي.

وقال الأمين العام: يوجد أشكال عديدة للتمويل غير الاقتراض، فمن ضمن أسس عملية التعامل مع الخارج أن نحافظ على أسس صحيحة في العلاقة نكفل بها قرارنا السيادي، فقد اتبعت أشكال في السابق ومنها موضوع اتفاق المدفوعات، وأيضاً نشأ مؤخراً شكل من أشكال التمويل وهو موضوع الخط ائتماني مع إيران.

أما حول اقتصاد السوق الاجتماعي المطبق في السابق، فرأى نمر أن هذا النمط عملياً غير موجود، فهو اقتصاد حر مضافاً إليه بعض القضايا الاجتماعية، فالموضوع ليس له علاقة بملكية وسائل الإنتاج أو التوزيع أو الاستهلاك، وبعبارة أخرى كان يرتبط بأمور تجميلية للاقتصاد الحر.

وختم الأمين العام للشيوعي السوري الموحد كلامه بالتأكيد أن معظم الشعب السوري يريد التغيير والتطوير، ويريد هامشاً أكبر من الحريات والديمقراطية؛ ولكن لا يريد هيمنة الإمبريالية ولا يريد أن تحكمه عقول ما قبل التاريخ، فحالياً لم يعد من المسموح أن نحتار حول عدونا، فالمسألة دقيقة، وبات الموضوع وطنياً ويتعلق بأمن البلاد وسلامتها.

العدد 1104 - 24/4/2024