قرار دولي هام.. والعبرة في التنفيذ!

أصدر مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 15 آب الجاري، بإجماع أعضائه، القرار رقم 2170 الذي يدعو إلى الامتناع عن دعم إرهابيي ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية (داعش)، وجبهة النصرة، وتمويلهم وتسليحهم، ومنع تدفق الإرهابيين إلى سورية والعراق، كما دعا جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اتخاذ تدابير وطنية لوقف تدفق الإرهابيين الأجانب وتقديمهم إلى العدالة. وأكد المجلس على الدول منع البيع المباشر أو غير المباشر للأسلحة، والمواد ذات الصلة إلى هذين التنظيمين والأفراد والجماعات المرتبطين بها.

وينظر إلى قرار المجلس هذا بوصفه قراراً هاماً طال انتظاره من المرجعية الدولية الأولى في العالم، ضد هاتين المجموعتين الإرهابيتين والمجموعات الإسلاموية المسلحة الأخرى المتعاونة مهما.

وتزداد أهميته الآن، بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة على بدء الأزمة السورية، وأكثر من شهرين على مواجهة العراق الرسمية لداعش، في العديد من محافظات الشمال والوسط. ويطرح هذا القرار، على أهميته، توقيت إقراره بالإجماع، بعد احتلال (دعش) الموصل ومعاركه مع قوات البيشمركة الكردية على بعد كيلومترات من مدينة أربيل عاصمة كردستان العراق، واضطرار الطائرات الأمريكية إلى قصف مرابض مدفعيته وتجمعاته.

إلا أن هذا القرار الهام والضروري لم يحدد بدقة الإجراءات الدولية الضرورية لآليات تنفيذه، وقد صيغت فقراته بعمومية لا تتضمن الإلزام والمحاسبة للدول المنخرطة في دعم داعش دولياً، ولا للدول الإقليمية والعربانية التي قدمت وماتزال التسهيلات والدعم اللوجيستي لهذه العصابات، كما لم ينص القرار على أية عقوبات دولية يفترض أن تتخذ بحق هذه الدول، وكيفية العمل على تنفيذ قرار أممي اتخذ بالإجماع من أعلى هيئة دولية (مجلس الأمن الدولي).. وهذا ما من شأنه تجفيف منابع الدعم والتمويل والتسليح، وإغلاق قواعد الارتكاز في البلدان المجاورة لكل من سورية والعراق.

ورغم هذه الملاحظات الجوهرية والعملية التي من شأنها ضمان تنفيذ هذا القرار، فإنه لابد من الإشارة مرة أخرى إلى أن الذين صوّتوا لصالح إصداره قد تنبهوا الآن لما قالته سورية مبكراً، بأن الإرهاب لا دين له، ولا حدود.. وأن محاربته لا تقتصر على سورية وحدها، وأن إجرامه يتجاوز الحدود الوطنية السورية، والآن العراقية، وصولاً إلى لبنان، وما بات يمثله من خطر إقليمي ودولي.

وأن أوربا (دولاً واتحاداً) والولايات المتحدة الأمريكية، اللتين أعلنتا مراراً، طوال سنوات الأزمة السورية، عن دعمهما للجماعات الإسلاموية المسلحة (أسلحة فتاكة أو غير فتاكة)، قد تنبهتا متأخراً إلى خطورة ما يجري وتداعياته، أو أن هاتين المجموعتين الإرهابيتين باتتا تشكلان عبئاً عليهما، أو إحراجاً متزايداً وفاقعاً لهما، ولكل دعاة لافتات الديمقراطية المشروخة، وحرية الرأي والتعبير، المشطوبة أصلاً من قواميس هاتين المجموعتين الإرهابيتين، وحلفائهما وأتباعهما، الملطخة أيديهم بقطع الرقاب وأكل الأكباد والإعدامات الجماعية للمدنيين.

وإذا كانت هذه (اليقظة) الغربية، ربما الاضطرارية والمحرجة، قد جاءت متأخرة كثيراً حول كيفية مواجهة ظلاميين وأهل كهوف وعصور حجرية، وأن أحد أسبابها هذا الصمود البطولي الوطني السوري، في أطول حرب ضد إرهابيين، فإن المطلوب ليس إصدار قرار أممي، على أهميته مرة أخرى ومدلولاته ومغزاه فحسب، بل في الاتفاق الملزم ببذل الجهود الدولية والإقليمية الضرورية لمكافحته والقضاء عليه.. وإن أبجديات هذه الجهود وأولياته تتلخص في مساعدة سورية والعراق ودعمهما، مادام مجلس الأمن الدولي بجميع أعضاءه قد أقر خطر هذه العصابات وطنياً وإقليمياً ودولياً.

وهذا ما يطرح أيضاً ضرورة تسمية القضايا بمسمياتها الواضحة، وتتجلى في وقف هذا الدعم، وهذه التسهيلات لهذه العصابات الإرهابية، التي ستساهم وتفعل فعلها، إلى جانب الإنجازات الميدانية الوطنية السورية، بوصفها العامل الأساسي في صمود سورية، وفي إفشالها للمخططات والمؤامرات، خطوة كبيرة ورئيسية نحو انتصارها ودحر هذه المؤامرة الكونية أصلاً وتجلياتها الإرهابية أيضاً.

 

العدد 1104 - 24/4/2024