البحث عن الشبيه والنقيض

أشخاص كثيرون يفكرون برسم صفات معينة لشريك الحياة من الشباب والفتيات، سواء كانت هذه الصفات شكلية بالدرجة الأولى، أي تتعلق بالمظهر، أم صفات أخرى تتعلق بالطباع، معتبرين هذه الطريقة نوعاً من التفكير المنطقي والعقلاني لبناء حياة زوجية مدروسة ومخطط لها.. بينما نرى فئة أخرى من الأشخاص لا يبالون بهذا الأمر، ويتركون الأمر للمصادفات، غير معتمدين على فكرة الشبيه أو النقيض.. وبين هذه القناعات وغيرها كان لنا هذا الاستطلاع في الآراء.

خير الأمور أوسطها

رند (مهندسة، 29 عاماً) تقول: (عندما قررت الارتباط، تزوجت من رجل يشبهني ببعض الصفات ويختلف عنّي بالصفات الأخرى.. وبرأيي الشخصي هذا هو المقياس الحكيم للاختيار الأمثل. وعلى سبيل المثال أنا بطبيعتي عصبية وسريعة الاستفزاز، جدية ومنطوية اجتماعياً، بعكس زوجي تماماً الذي يتمتع بطبيعة هادئة ويتصف بالصبر والتعقل. إضافة إلى أنه رجل اجتماعي من الدرجة الأولى، لما يتمتع به من روح النكتة والدعابة. أما عن نقاط التشابه بيني وبينه فهي أساسية، فنحن الاثنين معاً، نسعى إلى تحقيق طموح علمي ومادي مميز، وإنجاب أطفال لتربيتهم تربية صالحة وفق خطوات متفق عليها.. نسعى دوماً لمناقشة جميع الأمور التي تخصنا لنتشارك بأخذ القرار النهائي الذي يرضي الطرفين، وهذا كله يجعل حياتنا سعيدة ومريحة).

التشابه أفضل حتى لا أضطر للتأقلم مع صفات جديدة

ريم (طالبة، 25 عاماً) لها وجهة نظر مختلفة: (أبحث عن شريك يشبهني، والسبب بسيط جداً، وهو أن أكون قادرة على فهم طباعه التي ستكون نفس طباعي تماماً، وبالتالي سيكون سهلاً عليّ إيجاد الأسلوب المحدد للتعامل مع زوجي لأحقق التفاهم بيني وبينه، والذي يعدّ حجر الأساس في الحياة الزوجية. حتى إني أفضل شريكاً يشاركني هواياتي، وبالتالي لا أكون مضطرة لتغيير نمط حياتي، هذا التغيير الذي تتحدث عنه المتزوجات دوماً ويعانين الكثير بسببه.. وبقناعتي الشخصية، كل إنسان على وجه هذه الأرض، امرأة كان أم رجلاً، مستقل عن غيره بشخصيته وطباعه وقناعاته الخاصة به. ومن غير الطبيعي أن تغير المرأة طباعها من أجل إرضاء الرجل لتحقق زواجاً ناجحاً في قالبه الخارجي وفاشلاً في مضمونه، والعكس صحيح أيضاً، أي على الرجل ألا يتفاءل بأنه سوف يغير من طباع حبيبته بعد الزواج، لأنها قد تجامله في بداية الزواج ربما من شدة حبها له، لكن بعد فترة ستبدأ الخلافات والمشاكل.. فالطبع كما يقولون يغلب التطبع حتماً).

الخداع كبير قبل الزواج ولا يظهر الإنسان على حقيقته

رولا (صحفية، 27 عاماً) تقول: (الزواج هو أمر مقدس غير قابل للغش أو التلاعب، لكن ما أصبح دارجاً في أيامنا الحالية يختلف كثيراً عن هذه المبادئ، إذ ازدادت نسبة الطلاق ازدياداً لافتاً للنظر، والسبب الرئيسي هو أن الرجل يقدم على الزواج مرتدياً ثوب الحمل الوديع، والفتاة ترتدي أيضاً ثوب الملاك الطاهر، لتخلعه بعد مرور شهر العسل ويزول القناع، وتبدأ معاناتها مع شريكها الذي بدأت تظهر عيوبه المكنونة أيضاً، ويصل الاثنان معاً إلى طريق مسدود، ألا وهو الطلاق بغض النظر عن أن هذين الزوجين متشابهان أم مختلفان، يكفي ابتعادهما منذ البداية عن نقطة الوضوح والصراحة).

التناقض أفضل كي يتحمل كلانا الآخر

د. عادل (33 عاماً): (التشابه بين الزوجين برأيي له إيجابياته وسلبياته، كما هو حال الاختلاف. وليس لأي منهما قاعدة يبنى عليها موضوع الزواج الذي كان وما زال حتى يومنا هذا موضوعاً هاماً يتطلب قراراً مصيرياً.. والقاعدة الصحيحة هي استفادة كل من الزوجين من إيجابيات التشابه والتناقض بينهما في خلق التفاهم وبناء أسرة سعيدة بكل المقاييس. لكني كرجل له تجربة وخبرة في الحياة أقول: أسوأ ما يقع على الرجل أن تكون المرأة سيئة وبلا عقل، حتى لو كانت حسناء فاتنة، لأنها عندئذ ستكون امرأة متخشبة وبلا جاذبية أو شعور).

م. رامي (28 سنة): (أبحث عن فتاة تناقضني بالطباع وتشابهني بالقناعات وطريقة التفكير، فأنا نوعاً ما أرى نفسي شاباً غريب الطباع، عصبياً جداً وحساساً، وأحياناً مزاجي، لذا أسعى للزواج من فتاة صبورة وعقلانية وذكية قادرة على التعايش مع طباعي واستيعابي، لكي تعمل على تخفيف حدة هذه الطباع.. أما في حال تزوجت بفتاة عصبية ومزاجية مثلاً فسأكون دوماً مستعداً لنشوب المعارك عند أي خلاف أو اختلاف في وجهات النظر، وهذا لن يحقق أسرة متوازنة.. وأنا أعتقد أن الذكاء العاطفي عند الرجل أو عند المرأة هو الذي يلعب الدور الأساسي في هذا الموضوع ويساهم بالاختيار الصحيح، أو حتى أحياناً الاعتماد على الحدس والإحساس القوي بالزواج من شخص ما، سواء كان شبيهاً أم نقيضاً). 

التعامل الطيب يغير من حدة أسوأ العيوب

السيدة سوزان (47 سنة) تؤكد أنه ليس هناك ما يسمى البحث عن شبيهي أو نقيضي، فالزواج هو أولاً وأخيراً نصيب مكتوب عند الله عز وجل. إضافة إلى أن الحياة الزوجية بحد ذاتها تدفع المرأة والرجل معاً نحو التغيير، وأحياناً يكون تغييراً جذرياً بحكم المسؤولية والالتزام. إضافة إلى توفر عاملين هامين في حياة كل إنسان، ألا وهما الأمان والاستقرار العاطفي، ليتجرد كل من الزوجين من القلق والتوتر.. وهنا تظهر شخصيتهما الحقيقية. كما أن التعامل الطيب بين الزوجين قادر على تغيير حدة الطباع وأسوأ العيوب لتحقيق هدف واحد مشترك هو خلق السعادة الزوجية وتربية أولاد صالحين.

يشبهني أم يختلف عني ليس مهماً.. إذا أحببته فسأتزوجه

غرام (مضيفة طيران، 35 سنة) تقول: (أنا لا أفكر بهذه الطريقة، لأني لا أبحث أصلاً عن شريك حياة، وأترك الأمر للمصادفات لأنها أجمل. وحتى عندما ألتقي مصادفة بشخص وأحبه وهو أيضاً يحبني وتتطور العلاقة ونتعرف على بعضنا أكثر، أوافق على الزواج منه إذا تأكدت من مشاعري تجاهه ومشاعره تجاهي، سواء كنا متشابهين بالصفات أم مختلفين. لأن الحب هو الذي يجعلنا نتأقلم مع بعضنا فيما بعد، وأحياناً يكون الاختلاف بالطباع بين الزوجين أفضل من التشابه، فإذا كان الاثنان انفعاليين بصورة كبيرة مثلاً فلن يتوصلا إلى حل مشاكلهما أبداً بهدوء وعقلانية، لكن في الوقت نفسه التشابه قد يكون مشكلة، فإذا كانت هي من الأشخاص المتفائلين في حياتهم وهو من الأشخاص المكتئبين دوماً فإنها ستعاني الأمرّين معه. لذلك أقول إن التأقلم مع الشريك قد يكون هو الحل الوحيد في هذه الحالة، لأنه يستحيل أن يغيّر شخص ما طباع الشخص الثاني، خصوصاً إذا أحبه، ولا يستطيع التخلي عنه. وكما تقول الأغنية (ارضى بالنصيب.. ترتاح بالحبيب). لماذا نحن في المجتمع الشرقي نفتقر لإمكانية تقبل اختلاف الآخر عنا، إنها مسألة إيجابية جداً أن نتعايش مع هذه المشكلة، إذا كان الحب موجوداً).

 

لا شبيه ولا نقيض.. العزوبية هي أفضل حل

د. سالم يقول وهو يبتسم: (أنا لا أعاني هذا الموضوع أبداً، كما يعاني الآخرون، لأني منذ سنوات طويلة قررت عدم الزواج، ويحسدني الكثيرون من أصدقائي المتزوجين على هذا الخيار الصحيح، فالرجل يريد من المرأة أن تفهمه وتريد هي منه أن يحبها، وهذا هو منشأ الخلاف بين كل زوجين، كما أن سحر المرأة ليس بما فيها من صفات، بل بما في الرجل من ضعف، لذلك أنا أسير على قاعدة عش ملكاً ومتعبداً وحيداً، أفضل من أن تعيش عبداً وتموت ملكاً).

العدد 1104 - 24/4/2024