في حوار مع مجلة «باري ماتش» الفرنسية: الرئيس الأسد: منذ متى يقول الأمريكيون شيئاً صحيحاً حول الأزمة في سورية؟

قال السيد الرئيس بشار الأسد: لا يمكن القضاء على الإرهاب من الجو ولا يمكن تحقيق نتائج على الأرض إن لم تكن هناك قوات برية ملمة بتفاصيل جغرافية المناطق وتتحرك معها بالوقت نفسه.

لذلك بعد أكثر من شهرين من حملات التحالف لا توجد نتائج حقيقية على الأرض بهذا الاتجاه.

وأضاف الرئيس الأسد في حوار مع ريجيس لي سوميير نائب رئيس تحرير مجلة (باري ماتش) الفرنسية:  القول إن ضربات التحالف تساعدنا غير صحيح.. لو كانت هذه الضربات جدية وفاعلة سأقول لك إننا سنستفيد بكل تأكيد.. ولكننا نحن من نخوض المعارك على الأرض ضد (داعش)، ولم نشعر بأي تغيّر، خاصة أن تركيا ما زالت تدعم (داعش) مباشرة في تلك المناطق.

وتابع السيد الرئيس: عندما يهاجمك إرهابي بالسلاح، كيف تدافع عن نفسك وعن الشعب؟ بالحوار؟! الجيش يستخدم السلاح عندما يكون هناك استخدام للسلاح من الطرف الآخر. بالنسبة لنا في سورية نحن لا يمكن أن يكون هدفنا هو ضرب المدنيين، لا يوجد سبب لتقصف المدني، فإذا كنا نحن اليوم نقتل المدنيين أي نقتل الشعب، ونقاتل الإرهابيين بالوقت نفسه، ونقاتل الدول التي تقف ضدنا وتدعم الإرهابيين: الخليج، وتركيا، والغرب، كيف يمكن أن نصمد أربع سنوات؟ لو لم ندافع عن الشعب لما كنا قادرين على الصمود، وبالتالي إن القول إننا نقصف المدنيين هو كلام غير منطقي.

وأضاف السيد الرئيس: نحن الآن نحارب دولاً، لا نحارب فقط عصابات، مليارات الدولارات تُصرف على هؤلاء، ويأتيهم السلاح من دول مختلفة بما فيها تركيا، لذلك فهي ليست حرباً سهلة من الناحية العسكرية، ومع ذلك فإن الجيش السوري يتقدم في الكثير من المناطق. من جهة ثانية لا أحد يستطيع أن يقول لك كيف ستنتهي الحرب ومتى ستنتهي. لكن الحرب الأساسية كانت في البداية بالنسبة لهم هي كيف يكسبون قلوب السوريين، وقد خسروا هذه الحرب، وحاضنة الإرهابيين أصبحت ضيقة جداً، وتراجع هذه الحاضنة هو السبب في تقدم الجيش، فإذاً علينا أن ننظر إلى هذه الحرب عسكرياً واجتماعياً وسياسياً.

وقال السيد الرئيس: الرئيس في أي دولة في العالم يأتي بإجراءات دستورية ويذهب بإجراءات دستورية، لايمكن للرئيس أن يأتي عبر الفوضى ولا أن يذهب عبر الفوضى، والدليل الواقعي لهذا الكلام هو ما وصلت إليه السياسة الفرنسية في ليبيا عبر الهجوم على القذافي، ماذا كانت النتيجة؟ حصلت فوضى بعد رحيل القذافي، هل كان رحيله هو الحل؟ هل تحسنت الأوضاع وأصبحت ليبيا ديمقراطية؟ الدولة كالسفينة عندما تكون هناك عاصفة لا يهرب الربان ويترك السفينة. إذا قرر الركاب أن يخرجوا فآخر شخص يخرج هو القبطان وليس العكس.

لكن أريد أن أؤكد شيئاً مهماً وهو أن بقائي رئيساً ليس هدفاً بالنسبة لي لا قبل الأزمة ولا خلالها ولا بعدها. لكن نحن كسوريين لن نقبل أن تكون سورية دولة دمية للغرب.. هذا بكل وضوح أحد أهم أهدافنا ومبادئنا.

الحقيقة أن (داعش) تأسست في العراق عام .2006. أمريكا هي من احتل العراق وليس سورية. أبو بكر البغدادي كان في سجون أمريكا ولم يكن في سجون سورية. فمن أسّس (داعش)؟ سورية أم الولايات المتحدة؟

الإرهاب هو أيديولوجيا وليس منظمات ولا هيكليات، والأيديولوجيا عابرة للحدود.. قبل عشرين عاماً كان تصدير الإرهاب يأتي من منطقتنا، وخاصة من دول الخليج كالسعودية، الآن يأتينا من أوروبا وخاصة من فرنسا، أعلى نسبة من الإرهابيين الأوروبيين الذين يأتون إلى سورية هم فرنسيون، وحصلت لديكم أحداث في فرنسا. وكان هناك الهجوم في بلجيكا على المتحف اليهودي، فإذاً الإرهاب في أوروبا لم يعد نائماً، وإنما أُعيد إحياؤه.

وحول ما يقال عن تنسيق بين سورية و(التحالف) قال السيد الرئيس: لا يوجد تنسيق مباشر، ولكن نحن نقوم بمهاجمة الإرهاب في كل مكان بغض النظر عما تقوم به الولايات المتحدة أو التحالف. وقد تستغرب أن عدد الطلعات الجوية السورية لضرب الإرهابيين يومياً هو أكثر من طلعات التحالف. فإذاً لا يوجد تنسيق أولاً، وبالوقت نفسه في الحقيقة إن ضربات التحالف هي ضربات تجميلية.

وحول العلاقة مع فرنسا قال سيادته: العلاقة الجيدة التي امتدت بين عام 2008 و،2011 لم تكن بمبادرة فرنسية، بل كان لها جانبان: الأول الأمريكي الذي كَلّف الإدارة الفرنسية آنذاك بأن تؤثّر في الدور السوري وخاصة فيما يتعلق بإيران، والثاني الدور القطري الذي دفع فرنسا باتجاه تحسين العلاقة مع سورية، إذاً العلاقة الجيدة مع فرنسا كانت بدفع أمريكي – قطري وليس بإرادة مستقلة واليوم… لايوجد فرق فكلتا الإدارتين ليست مستقلة، أقصد هولاند وساركوزي.

القضية ليست علاقات شخصية، أنا لا أعرف هولاند أساساً، القضية هي علاقات بين الدول والمؤسسات، وهي علاقة مصالح بين شعبين. عندما يكون هناك أي مسؤول فرنسي أو حكومة فرنسية تعمل من أجل المصلحة المشتركة نحن سنتعامل معها، ولكن هذه الإدارة تعمل ضد مصلحة شعبنا وضد مصلحة الشعب الفرنسي في الوقت نفسه، أما بالنسبة لأن أكون أنا عدوّه الشخصي فأنا لا أرى منطقاً في ذلك، فأنا لا أنافس هولاند على أي شيء، أعتقد أن من ينافسه في فرنسا الآن هو (داعش)، لأن شعبيته قريبة من شعبية (داعش).

وحول استخدام الأسلحة الكيميائية قال السيد الرئيس: يمكن أن تجد الكلور في أي منزل في سورية.. كل إنسان لديه كلور.. وأي مجموعة تستطيع أن تستخدمه، لكننا لم نستخدمه، لأن لدينا أسلحة تقليدية أكثر فاعلية من الكلور، ولسنا بحاجة لاستخدامه، ونحن نقوم بحرب على الإرهابيين ونستخدم السلاح التقليدي من دون أن نخفي ذلك أو نخجل به وهذا حقنا… وبالتالي لسنا بحاجة للكلور، إن هذه الاتهامات لا تفاجئنا، فمنذ متى يقول الأمريكيون شيئاً صحيحاً حول الأزمة في سورية.

لم نستخدم هذا النوع من الأسلحة، ولو استخدمناها في أي مكان لقُتل عشرات وربما مئات الآلاف من الناس، هذه الأسلحة لا يمكن أن تقتل، كما قيل في العام الماضي، 100 أو 200 شخص فقط، وخاصة في مناطق فيها على الأقل مئات الآلاف وربما ملايين من السوريين.

وحول تفسير ما يحدث في سورية قال سيادته:  طبعاً هذا الحوار الآن يدور في كل منزل في سورية، وأصعب شيء في هذا الحوار عندما تتعامل مع أطفال تكوَّن وعيهم الاجتماعي في هذه الأزمة، هناك سؤالان أساسيان يُسألان، طبعاً ليس فقط في عائلتنا كما قلت بل في كثير من العائلات. السؤال الأول: كيف يمكن لأشخاص يعتقدون أو يقولون إنهم يدافعون عن الله وعن الدين الإسلامي أن يقوموا بالذبح والقتل؟ هذه حالة من التناقض ليس من السهل أن تفسرها، والأطفال يسألون هل يعرف هؤلاء أنهم على خطأ أم لا يعرفون، والجواب هنا أنه هناك من يعرف ولكنه يستغل الدين لأهداف خاصة وهناك إنسان جاهل لا يعرف بأن الدين هو خير ويعتقد أن الدين هو القتل.

السؤال الآخر الذي يُسأل أيضاً: لماذا يعتدي الغرب علينا ولماذا يدعم الإرهابيين أو يدعم التخريب؟ وطبعاً لا يقولون الغرب عموماً بل يحددون دولاً ـ منها أمريكا، فرنسا، أو بريطانيا ـ لماذا يفعلون ذلك؟ هل قمنا بإيذائهم؟ ونحن أيضاً نشرح لهم أن الشعوب شيء والدول شيء آخر.

العدد 1105 - 01/5/2024