سباق سرعة للحصول على الكرسي… قيم اجتماعية جديدة

هن من طالبن بالمساواة (ولاّ المساواة بشغلات وشغلات)! هذا كان رأي أحمد بخصوص الجلوس على الكرسي في الباص. مشهد اعتدنا رؤيته، الجميع ينتظر استعداداً للانطلاق مع صوت كابح الباص. سباق سرعة بل حرب ضروس على الباب للحصول على كرسي. فمن جلس انتصر، أما من بقي واقفاً فعليه الاستمرار في هذا السباق، فلعل أحدهم ينزل ويحصل هو على الكرسي.

إن كنت شاباً أم فتاة، امرأة أم رجلاً هرماً، فربما تجلس أو لاً.

في الماضي كان من النادر أن نرى امرأةً أو رجلاً هرماً واقفاً، أما اليوم فقد تغيرت الأحوال.. فليس من الغريب أن تجد الهرمين والنساء والفتيات وقوفاً والشباب مسترخين في الكراسي.

ولدى سؤال مجموعة من الشباب حول هذا الموضوع قال كريم: إذا كانت المرأة حاملاً أو الرجل هرماً، لا يوجد لدي أي مشكلة في أن أفسح المجال ليجلسا مكاني. أما الفتيات اللواتي في سني فلست مضطراً لعمل ذلك.

وأجاب أحمد: النساء هن من طالبن بالمساواة، مَثَلي مثلهن.. فمن الممكن أن أجلس أو أقف وهن كذلك.

أما رائد فيقول: في حال كنت جالساً فلن أقف لتجلس مكاني فتاة، فغالباً ما أعود  من عملي متعباً، أما هي فربما تكون عائدة أو ذاهبة للقاء أصدقائها. وبالنسبة للهرمين لا يمكن أن أجلس وهم واقفون أمامي.

ويقول أبو عادل: تغيّرت الأيام.. فقد كنا نقف بانتظام ونسمح للكبار بالصعود أولاً والجلوس، أما اليوم فأنتظر أكثر من ساعة حتى يخف الازدحام كي أتمكن من الصعود.

إذاً هناك من يعتقد بمساواة المرأة بالرجل، لكن ربما تكون هذه المساواة من مبدأ الانتقام من المرأة بطلبها لهذا الحق! فالعديد من النساء يركبن الحافلات أثناء الذهاب أو العودة من العمل، مما يعني أنها ليست بالضرورة ذاهبة للتسلية والمرح.

وعلقت مجموعة من الفتيات على هذا الموضوع، ومنهن رنا بقولها: أنزعج إذا كنت واقفة في الباص ولم يفسح لي شاب المجال للجلوس، فهو شاب وأنا فتاة، ومن العيب أن أظل واقفة وهو جالس.

أما لينا فتقول: لا أنزعج أبداً من هذا الموضوع، مثلي مثله.. ربما هذا الشاب كان في عمله أو يشعر بالتعب وليس من حقي أن آخذ مكانه.

وديمة توافق لينا في الرأي وتقول: ليس من حقي أن آخذ مكان غيري، ولا أشعر بالانزعاج أبداً في حال كنت واقفة في الباص. وفي حال كنت جالسة وشاهدت رجلاً أو امرأة مسنة، فإني لا أتردد أبداً بالوقوف وإجلاسهم مكاني.

وبعد استعراض آراء الفتيات، هل من الضروري وبعد تغيّر المفاهيم والعادات الاجتماعية أن تجلس الفتيات بدلاً من الشباب، أم لكل منهما الحق؟!

بسؤال الاختصاصية الاجتماعية ناريمان عجيب أجابت: كثير من المفاهيم الاجتماعية تغيرت.. فمفهوم المرأة والرجل لم يعد كما كان سابقاً. فالمرأة تطالب بالمساواة في كل شيء، وأصبح الرجل يراها ندّاً له، وقد عزز هذه المفاهيم الجديدة الجيل الجديد من الآباء والأمهات وانفتاح المجتمعات على بعضها من خلال وسائل الإعلام المختلفة. وفيما يتعلق بموضوعنا يوجد قسمان من الشباب:

فقسم يرى أن الشباب الذين تعرضوا للرفض والانتقاد من الفتيات حين أفسحوا المجال لهن بالجلوس، لأنهن اعتبرن هذا التصرف انتقاصاً لهن ولا مبرر له، مما يدفع الشاب لعدم تكرار هذا السلوك.

ومن هذا القسم من يرى أن الشباب الذين يؤمنون حقاً بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة يندفع ليعاملها كما يعامل نفسه.

ومنه من يتصرف بعدم اكتراث، ولا مبالاة، وذلك يعود لتربيتهم ضمن المنزل.

أما القسم الثاني فيضم:

– الشباب الذين تربوا على أن المرأة ضلع قاصر، وهي أضعف من الرجل وبحاجة إلى المساعدة من الرجل في كل وقت.

وكذلك الشباب الذين يعمدون لحماية الفتيات، على اعتبارهن قد يتعرضن للمضايقة أثناء وجودهن في أماكن مزدحمة.

وتكمل الاختصاصية قولها: إن التربية المنزلية هي الأساس في حصول الفرد على العادات الاجتماعية ومدى تمسكه بها، فالمنزل هو اللبنة الأساسية للمجتمع.

وأخيراً لكل جيل قيمه وأفكاره التي يُوجدها من عصارة الماضي وأفكار الحاضر، على أمل أن يحافظ جيل الشباب على العادات والتقاليد التي تتميز بها مجتمعاتنا الشرقية.

العدد 1105 - 01/5/2024