الحب أساس الحياة

اختلف الناس منذ القدم في تعريف الحب، وكانت بعض التخصصات والمذاهب تعرّفه بشكل مختلف اعتماداً على منظورها الخاص، وربما المسألة ليست مرتبطة فقط بالمذهب الفكري أو المنظور العاطفي، بل إن لكل شخص فهماً وتعريفاً خاصاً لمعنى الحب، الذي يُعتبر شعوراً بالانجذاب والإعجاب نحو شخص ما أو شيء ما قد ينظر إليه على أنه كيمياء متبادلة بين اثنين.

 ومن المعروف أن الجسم يفرز هرمون الأوكيتوسين المعروف بهرمون المحبين أثناء اللقاء فيما بينهم. عرفه أفلاطون قائلاً: (الحب الذي ليس فيه أي تبادل للمصالح أو الفوائد هو الحب الحقيقي)  وهو ما يسمى الحب الأفلاطوني الذي لا يُبنى على شهوة أو رغبة، وكما قال شكسبير الحب أعمى.

 أما التعريف اللغوي للحب، فهو كلمة مأخوذة من الحب جمع حبة، وهي لباب الشيء وأصله، فالقلب أصل الإنسان وكيانه ولبه. وهناك تعريف فني للحب وهو فن المعاملة للشخص المحبوب برقة وجمال، ويتم إنجاز هذا الفن كما في الفنون كافة من خلال الأداء الماهر والخبرة والملاحظة والدراسة والتدريب، والهدف من فن الحب هو إبداع وإنشاء قواعد للحياة السعيدة مع الشخص المحبوب.

 ارتبط عيد الحب بأساطير مثيرة وأهمها وأشهرها هي أن رومليوس مؤسس مدينة روما، ذات يوم بينما كان رضيعا جاءت ذئبة وأرضعته، ومن هنا استمد منها قوة ورجاحة العقل والفكر، وهكذا خلال منتصف شباط يقيم الرومان احتفالاً كبيراً يحرصون فيه على ذبح كلب وعنزة، ويقوم شابان بدهن جسميهما بدم الكلب والعنزة ثم يغتسلان باللبن، وبعد ذلك يسير موكب عظيم يتقدمه الشابان حاملين معهما الجلد ويلطخان كل ما صادفهما في الطرقات التي يمر منها الموكب، وكانت النساء ترحب بتلك التلطيخات على اعتبار أنها تجلب الحظ وتشفي من العقم.

 وسمي هذا العيد بعيد الحب أو الفالنتين نسبة للكاهن فالنتين الذي كان يعيش أيام حكم الإمبراطور الروماني كلاوديس الثاني أواخر قرن الثالث ميلادي، ففي 14شباط عام 270 أعدم الكاهن فالنتين لأنه عارض أوامر الإمبراطور الداعية إلى منع عقد أي قران، لأنه لاحظ أن العزّاب أشد صبراً في الحرب من المتزوجين الذين غالباً ما يرفضون الذهاب إلى المعارك، إلاّ أن فالنتين كان يعقد الزيجات في الكنيسة سراً احتراماً منه لمشاعر العشاق والمتحابين، إلى أن افتُضح أمره واقتيد للسجن، وهناك تعرّف إلى ابنة أحد حراس السجن، كانت عليلة وطلب منه أبوها أن يشفيها، فوقع في حبها، وقبل أن يُعدم أرسل إليها بطاقة كتب عليها من المخلص فالنتين، وهكذا بنيت كنيسة في روما في المكان الذي أعدّ تخليداً لذكراه، وسمي 14 شباط بعيد فالنتين أو عيد الحب.

ولكن الحب ليس حكراً على أن يكون بين شاب وفتاة، فهناك حب الأم لأبنها، حب الأخ لأخيه، حب الفتاة لصديقها، حب الفرد لحيوان ما، حبّ المواطن لوطنه، حب الطفل لعبته. ومن هنا جاءت أنواع الحب وأهمها حب الذات، الحب العائلي، الأخوي، الأصدقاء، الوطن، حب الله، ومهما تعددت أنواعه وأسبابه وقصصه يبقى الحب أساس الحياة.

العدد 1107 - 22/5/2024