بيان «الشيوعي المصري» بعد عام على حكم السيسي

التردد وتأجيل المواجهة وتقديم التنازلات خطر على وحدة الوطن وأمنه القومي

 كشف العام الأول من الفترة الرئاسية للرئيس عبد الفتاح السيسي عن ضغوط دولية وإقليمية ومحلية على سلطة ما بعد ثورة 30 حزيران (يونيو) ،2013 أثرت على قراراتها وممارساتها بشكل سلبي رغم قطعها شوطاً كبيراً في الحفاظ على تماسك الدولة والتصدي لجماعات الإرهاب عسكرياً وأمنياً.

على المستوى الدولي.. تواصل أمريكا وحلفاؤها في أوربا وأتباعها في منطقة الشرق الأوسط منذ الإطاحة بحكم الإخوان في حزيران (يونيو) 2013 الضغط على سلطة ما بعد 30 حزيران (يونيو) لإفساح مكان لقوى الإسلام السياسي (الإخوان والسلفيين) للمشاركة في السلطة، مستخدمة وسائل عديدة، إضافة إلى الضغط الاقتصادي من بينها تأجيج عمليات الإرهاب في سيناء وداخل مصر، وإشعال الحروب والصراعات الدينية والمذهبية في المنطقة لاستنزاف دولها وتفتيتها وتدمير جيوشها، ويبدو أن الإدارة الأمريكية أدركت مؤخراً أنها خاسرة برِهانها على الإخوان المكروهين شعبياً في مصر، فقد بدأت في فتح خطوط مع السلفيين الذين استقبلت قياداتهم في واشنطن وفي سفارتها في القاهرة في لقاءات ضمت ضباط من المخابرات المركزية الأمريكية، مما جعل السلفيين أكثر صلفاً في خطابهم واستعراض قوتهم مؤخراً، كما حدث منذ أيام في مركز الفشن ببني سويف ومن قبله في مناطق أخرى من الوطن من اختلاق للفتن وتهجير للمواطنين المصريين وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم وإيقاع العقاب الجماعي بهم خارج نطاق القانون ومؤسسات الدولة، مما ينذر بتهديدات خطيرة للأمن الوطني والتماسك المجتمعي، الأمر الذي يتطلب ضرورة الإسراع بتطبيق مواد الدستور الذي يحظر قيام الأحزاب على أساس ديني والشروع في بناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة.

إقليمياً.. مع تطورات التدخل السعودي الخليجي في اليمن والتحولات التي طرأت على الموقف السعودي ومع اقتصار المشاركة المصرية على مشاركة هامشية محدودة وبعيدة عن التدخل في الأراضي اليمنية، فقد ظهرت تناقضات وخلافات في بعض المواقف الإقليمية وخاصة بين مصر والسعودية، الأمر الذي يضع السلطة المصرية أمام ضرورة الإسراع بالبحث عن حلول ذاتية أو خارجية لمواجهة المشاكل الاقتصادية غير مرهونة بشروط سياسية تهدد وحدة الدولة المصرية وأمنها القومي.

محلياً.. حرصت سلطة يونيو وما زالت تحرص على عدم الدخول في مواجهات أو صراع مع الشرائح العليا من الرأسمالية المصرية التي ترفض منذ اليوم الأول لسقوط حكم الإخوان المشاركة في أي تنمية اقتصادية وتصر على الانفراد بالاستحواذ على الثروة القومية وأية مشروعات وعدم تحمل أي أعباء لمواجهة عجز الموازنة وضرورات الاستثمار.. وأجبرت السلطة على التراجع في فرض ضرائب على أرباحها الرأسمالية في البورصة، بل إن السلطة عجزت عن فرض الحد الأقصى للأجور في بعض مؤسسات الدولة كالقضاء والبنوك وقطاع البترول والاتصالات رغم تطبيقه على مؤسسة الرئاسة نفسها.

ولأن السلطة في ظل الضغوط الدولية والإقليمية والمحلية تخشى من اتخاذ إجراءات سيادية ضد تلك الطبقة.. فقد آثرت اللجوء إلى اعتماد ما يمكن تسميته بالقطاع العام العسكري للعمل في مجالات المشروعات الكبرى والتصنيع الغذائي والطرق والعديد من المشروعات الأخرى ولم توجه أي اهتمام لضخ سيولة في القطاع العام المتعثر عمداً وإصلاحه إدارياً وتشغيل المصانع المتوقفة، إذ إن هذا البديل يغضب الإدارة الأمريكية باعتباره حجر الأساس في أي سياسة للتنمية الشاملة والاستقلال الاقتصادي.كما أنه يغضب الرأسمالية الكبيرة التابعة في الداخل التي تريد الاستحواذ على المشروعات والثروة دون تحمّل أي أعباء.. ورغم أن تحمل المؤسسة العسكرية عبء تنفيذ هذه المشروعات الاقتصادية فرضته ضرورات وضغوط داخلية وخارجية وعجز مؤسسات الدولة وتفشي الفساد فيها، ورغم أنه إدارياً أكثر انضباطاً وأقل في الامتيازات من كثير من مؤسسات عديدة في الدولة.. إلا أن هناك مخاوف حقيقية من خلق مركز نفوذ اقتصادي وسياسي نتيجة عدم خضوع هذا القطاع للرقابة الشعبية والشفافية كما أنه لا يجوز الاستثناء إلى قاعدة..

ويؤكد الحزب الشيوعي المصري أن محاولات سلطة حزيران (يونيو) تأجيل مواجهاتها للضغوط الأمريكية والخليجية وللرأسمالية التابعة، والتنازل أمام السلفيين، وعدم استكمال المسار الديمقراطي، والتراجع الواضح في ملف الحريات، يقود الوطن كله إلى أوضاع حرجة وخطيرة.. وأنه لا يمكن لسلطة أن تدعم وجودها بالتردد أمام ضغوط خارجية وتقديم تنازلات لشرائح من الرأسمالية ترفض المشاركة في أعباء التنمية ولا يهمها سوى مصالحها الذاتية كشريحة مرتبطة بسياسات التبعية حتى ولو تصالحت مع قوى الإرهاب أو تحالفت مع السلفيين ضد مصالح الوطن وبقية طبقات الشعب المنتجة والفقيرة..

القاهرة20 حزيران (يونيو) 2015

المكتب السياسي للحزب الشيوعي المصري

العدد 1105 - 01/5/2024