بيان المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي حول التحرك الشعبي: خطوة إيجابية يتوجب ترسيخها واستكمالها

 أعلن مجلس الوزراء العراقي هذا اليوم عن قرارات جديرة بالترحيب. فهي تأتي استجابة لرغبات ملايين العراقيين، وتعكس تفاعلاً مع التظاهرات الاحتجاجية التي عمت مدن العراق وشارك فيها مئات الألوف من أبناء شعبنا، مطالبة  بتوفير الخدمات، وتعرية الفساد ومحاسبة المفسدين، وإدانة سوء الإدارة والمحاصصة، وتعزيز التصدي للإرهاب.

إن القرارات ذات الطابع التقشفي، التي تستهدف وضع حد للامتيازات غير الشرعية، وتقليص النفقات، وتخفيض المخصصات والرواتب، وإلغاء مناصب المجاملة، وترشيق الحمايات وتوجيه الفائض من تمويلها لتعزيز قوى الدفاع والداخلية، وإعادة فتح ملفات الفساد والتعجيل في محاسبة الفاسدين، واسترجاع الأموال العامة من سراقها.. إن هذا كله يمثل بداية سليمة. ولكي تؤتي هذه البداية ثمارها وتتحقق على أرض الواقع، ولا تبقى مثل العديد من سابقاتها مجرد وعود وتعهدات، فإن المطلوب هو:

– استكمال الإجراءات المعلنة بأخرى تحوّل الخطوة الأولى إلى توجه عام ثابت وراسخ، يشمل كل مرافق الدولة والمجتمع، وبضمنها ما يمتد إلى حماية اقتصاد البلد من المافيات الطفيلية في مؤسسات الدولة وخارجها، التي هي امتداد وحليف لبيروقراطية رجال الحكومة وأجهزتها الإدارية، الذين كدسوا المليارات نهباً وسلباً وتلاعباً وغشاً، عبر الرشا والوساطات والوكالات والكومشنات في الصفقات التجارية والمقاولات والأعمال المالية والمصرفية وفي التجارة المشبوهة.

– وضع الآليات الفعالة وخلق الأجواء الصحية، كي تأخذ هذه الإجراءات طريقها للتنفيذ العاجل ومن دون إبطاء، بما يسلب عناصر الشر والعرقلة فرصة الالتفاف عليها وإفراغها من محتواها الحقيقي. وهذا يتطــــــــــلب اختيار هيئات تنفيذ ورقابة كفأة ونزيهـــــة ومهنيـــــــــة، لإنجاز المهمة في الوقت المحدد المناسب وبكفاءة عـــــــالية.

– اعتماد الإرادة الشعبية لإسناد كل خطوة ايجابية، بغية شل إرادة المعرقلين من المنتفعين، وتجار الآلام والحروب، وسرّاق قوت الشعب، والمنافقين من سياسيي المصادفة وحلفاء المافيات، والانطلاق من هذه الإرادة في دعم قواتنا المسلحة الوطنية بكل تشكيلاتها، في تصديها للإرهاب وداعش.

– التوجه نحو معالجات سياسية تنسجم مع ضخامة عملية الإصلاح الحقيقي وأهميتها وصعوبتها، تتلخص في زعزعة نظام المحاصصة الطائفية الاثنية وإنهائه، ومعه ما ينتج عنه من مشاريع مضللة، تكرس توزيع الغنائم والمنافع على المتحاصصين بدل أضعافها وتصفيتها (مثل إجراءات التوازن، واحتكار المواقع، والاستثناءات الخاصة.. وغيرها).

– حث مجلس النواب على إنجاز تشريع كل القوانين الملحة، وتفعيل المجمد منها (قانون الخدمة، الضمان الاجتماعي، القوانين التي تضمنتها الوثيقة السياسية، تعديل قانون الانتخابات، تشريع قانون الأحزاب..الخ) وبالتالي توفير المناخ التشريعي الملائم، والطريق السالك أمام عملية التغيير والإصلاح، وشلّ أي مسعى أو محاولة لوضع الكوابح أمام هذه الحاجة الملحة من خلال تعقيدات مفتعلة وخلافات مستهلكة، لعبت دورها حتى الآن في عرقلة أي جهد إصلاحي لمصلحة حماة الفساد والفاسدين.

إن عيون أبناء شعبنا رجالاً ونساءً، شيباً وشباباً، من كل القوميات والأديان والمذاهب، وعلى اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية، ستبقى مفتوحة، وإن حضورهم في ساحات التعبير عن المطالب المشروعة سيتواصل، دعماً لكل الإجراءات الايجابية وإسناداً لكل التوجهات والجهود الخيرة، التي تستهدف وضع العراق على طريق الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية، ولدحر الإرهاب والفساد، وبما يؤمن لشعبنا الأمن والاستقرار والحياة الكريمة والمستوى المعيشي والخدمي اللائق، ويزيل كل ما يعيق لحاقه بركب البشرية الحضاري الصاعد، وبناء دولته الديمقراطية المدنية، الاتحادية، المستقلة وذات السيادة.

المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي

9 آب 2015

العدد 1105 - 01/5/2024