أزمتنا كانت وماتزال أزمة حلول؟!

لماذا كثرٌ هم المديرون وقادة المؤسسات الحكومية الذين يتمتعون ببدلات أنيقة وربطات عنق جميلة وأحذية فاخرة نظيفة وحلول رديئة.. ربما لأن ربطات العنق لهم، أما مشاكل المواطنين فهي للمواطنين.. معظم المسؤولين الكبار يعيشون في أرقى أحياء المدينة وبعيداً عن أجواء مناطق سكن الطبقة الوسطى أو المناطق الشعبية.. والدولة أقامت مناطق سكنية تضمُّ سكن كبار الضباط والمسؤولين.. هذا عدا أن الكثير من مسؤولينا هم من عائلات ثرية (أباً عن جد).

 والسؤال: كيف سيحلُّ هؤلاء مشاكل لم يعرفوا ما هي حقيقةً ولم يعانوا من تبعاتها؟ من يمتلك مولدة كهرباء وعشرات الدعوات إلى ولائم في مطاعم فخمة كل أسبوع.. و(بنزين) وسيارة على حساب الدولة وسائقاً ومرافقين يحضرون له ما يريد.. ليس مثله مثل المواطن الذي يخرج من طابور ليقف في آخر كي يُحصِّل متطلبات حياته الرئيسية.. وإذا سألنا أنفسنا ما الفرق بين المشكلات التي طرحها الفن منذ عقود فيما يخص معاناة المواطن في تلبية احتياجاته الرئيسية، والمشكلات التي يتطرّق لها اليوم؟

نجد أنه لا فرق يُذكر، فأمام مسرحيات الماغوط ودريد لحام ونهاد قلعي وغيرهم التي تطالب بالإصلاح الاقتصادي والسياسي وو…، ومسلسلات مثل (مرايا) الشهير وبقعة ضوء، ومسلسلات ممدوح حمادة وغيرها الكثير، نشعر مهما كانت الحلقة التي نشاهدها قديمة(مرايا) في الثمانينيات والتسعينيات مثلاً.. نشعر أنها كُتبت اليوم وتتحدث عن هموم المواطن اليوم، فمن يشاهد أول أجزاء مسلسل (مرايا) أو آخر أجزائه يرى أن المشكلات هي ذاتها ولكن تغيرت طريقة التناول الساخر لها، ويشعر أن هناك (أزمة حلول في البلد)، ولا يهم كمُّ الشعارات التي يطرحها إعلامنا الماهر في إظهار المسؤولين (ككادحين) وأصحاب فعل وهم يضعون أحجار الأساس ويتجاوزون الشرائط الحمراء بأرجل مقصاتهم وكأنهم في سباق مع الزمن للتطوير والريادة..

بينما هموم المواطن كما هي، وفي النهاية يبقى الفيصل هو(من ثمارهم تعرفونهم) وليس (من شعارهم تعرفونهم) فليس المهم أن نفتتح مؤسسات جديدة ما دام العديد من مؤسساتنا القديمة منقوصة الفاعلية بسبب الفساد.. وما دام لا يوجد حرب على الفساد تمنعه من اختراق تلك المؤسسات الجديدة. وعوضاً عن مطالبة قيادات المؤسسات الخدمية للقيادات السياسية بالمزيد من المرونة في سبيل إنهاء الأزمة التي تسببت بموت الكثير من شبابنا وهجرة أعداد ليست بالقليلة منهم.. نراهم يطرحون حلولاً لمنعكسات المشكلة وليس للب المشكلة.. كما فعل القاضي الشرعي الأول في دمشق قبل أيام، فقد طالب بخفض نسب العنوسة وإعالة الأرامل عبر تعدد الزوجات للرجل الواحد.

والسؤال هنا.. هل المواطن السوري اليوم قادر على تكاليف الزواج من امرأة واحدة أو تأمين حياة كريمة لها حتى يتزوج أكثر من امرأة؟!!

أم أنَّ كلامه موجّهٌ إلى طبقة الأثرياء؟ وهل الزواج المبني على حاجات مادية بدل أن يكون مبنياً على الحُب والتفاهم والانسجام، قابل للديمومة عند تلاشي تلك الاحتياجات؟

ومن جهةٍ أخرى.. أليس من شأن تعدد الزوجات أن يحدّ من أعداد مَن يقدمن أجسادهن مقابل المال، أو إرضاء المزاج؟ أوليس من شأنه إطعام أفواه صغيرة جائعة وتأمين سقفٍ لها يقيها الحر والبرد ورذائل الغرباء؟

وهل من خيارٍ آخر للنساء اللواتي اختارتهن الحرب لتسلبهنَّ المسكن أو الزوج أو المُعيل.. إلخ أو كل ما سبق ذكره.. هل من خيارٍ لهنَّ سوى القبول بأن يكنَّ جزءاً وليس محوراً في حياة زوجية صنعتها الحاجة المادية شأنها شأن أي صفقة أو عقد إذعان؟

العدد 1107 - 22/5/2024