عن الموبايل والمواطن الحالم

الهواتف النقالة أقذر من (المراحيض العامة).. ب 18 مرة!!.. هذا ما كشفته مؤخراً  شركة أمريكية تعمل في مجال تعقيم الهواتف المحمولة من البكتريا التي تتكاثر عليها وفيها.. وربما منها أيضاً..

يقول أحد مؤسسي (فون سوب) الأمريكية، وهي تعني صابونة الهاتف، (الهاتف حار دائماً ويوضع في أماكن قاتمة فتتكاثر البكتيريا فيه)..

وقد عرضت هذه الشركة مؤخراً علبة للتعقيم تقضي على البكتيريا الموجودة على الهاتف بالتزامن مع شحنه.

وتباع العلبة منذ تشرين الثاني  (نوفمبر) بسعر 95,49 دولاراً (7000 ليرة سورية تقريباً حسب السعر الحالي للدولار) على موقع الشركة الإلكتروني.

ويبدو أن شركات أخرى تحذو حذو (سوب فون). فشركة (كلين بيتس) عرضت هي أيضاً جهازاً  يوضع عليه الهاتف النقال لتعقيمه.

وقد صرح جاري المتقاعد حين قرأنا الخبر، ورأى ملامح الدهشة والخوف والارتياب على وجهي وأنا أرنو إلى موبايلي، بما يلي:

 رغم أن الخبر يحتمل المبالغة والصدق أيضاً، فأنا استغرب أن يصيبك الخوف والهلع، واستغرب أكثر أن يفاجأ شخص مثلك بخبر عادي ومتوقع كهذا..

خيّو بلا طول سيرة لا تنظر إلى أجهزة الموبايل، بل انظر إلى شركات الموبايل، حينئذ سيصبح الجهاز (دحّة) بكل ما فيه من بكتريا وأخطار وقاذورات تفوق الحمامات التي وضعتها المحافظة في الأماكن العامة، وعهدتها لمستثمرين لا يختلفون عن مستعمري الخليوي (بالعين وليست بالثاء)، إن لم يكونوا هم أنفسهم كما يشاع والله أعلم.. وهؤلاء رفعوا التسعيرة، بعد ارتفاع سعر الدولار، إلى 25 ليرة فقط لا غير.. وهكذا أصبح المواطن السوري يضاهي المواطن السويسري بتكلفة خروجه، إذا اعتبرنا أنه ربما يستعمل مرتين في اليوم هذه الأماكن القذرة فعلاً بسبب بقائه في وسائل المواصلات بين 4 إلى 5 ساعات يومياً، وهذه الأخيرة بطبيعة الحال غير مزودة بحمامات.. ويضاهي شعوب العالم قاطبة بأن خروجه صار يحسب أيضاً بالدولار..

 ويضيف الجار بثقة: سأذكر لك غيضاً من فيض شركتي الخليوي لأبرهن لك أن أجهزة الموبايل مغسولة عنها ألف زوم رغم كل ما فيها من قاذورات كما يدعي الأمريكان..

ما زالت شركتا الخليوي عندنا منذ ولادتهما القيصرية تأخذان من مشتركي الخطوط اللاحقة الدفع 400 ليرة رسماً شهرياً لا مقطوعاً ولا ممنوعاً، ولا تفسير له سوى أنه سلبطة..

ما زالت الثانية تحسب عندهم دقيقة، وبعد (النق والسق) من قبل المواطن المنتوف قامت بتقديم ميزة حساب الثواني من الدقيقة الثانية للخطوط مسبقة الدفع، لكن على مين؟.. وضعوا كمائن عديدة على الطريق.. فكل دقيقة بعد الأولى سعرها أعلى من الدقيقة الأولى، وهذه بتلك..

في عروض (السيرف) للإنترنت يقومون بتقديم عروض وهمية غالباً.. على أساس أنهم سيهدونك وحدات إضافية عند التعبئة بكمية معينة.. وقد قمت بتعبئتها مرات ومرات ولم تأت الوحدات الإضافية.. قلت: لمن أشكو؟ قالو: ل 111 فلديهم الجواب الشافي.. وحين اتصلت قالوا إن الاتصال على البني آدمين ليس مجانياً على هذا الرقم، فقط الردود الجاهزة هي المجانية.. وهكذا شلحوني وحدات إضافية وبقيت منتظراً دون نتيجة حتى نفدت وحداتي!

ثم إنك تملأ مئات الوحدات للسيرف، وبسبب بطء النت وسرعة شفطهم لا تفتح بضع صفحات حتى تكون الوحدات قد طارت…

ثم وضع يده على صدره وقال: (هادا بزّن).. هذه الشركات جاءت بطريقة مشوهة، وكلما عتقت زادت تشويهاً.. ومعروف مصير من اعترض على عقودها حين مُرِّرَت على المجالس (المنتخبة)..

ولم ينته الرجل من كلامه، إنما أنا الذي قطعت حديثه، وانصرفت من مجلسه خوفاً عليه من مصير مجهول إن سمعه بعض أصحاب الخط الجميل.. ونقلوا ما سمعوه بعد الإضافة والتحوير والتقويل…

لكن لا بد من الاعتراف أن الهواتف النقالة نظيفة لطيفة صحية تُشرَب مع الماء العكر أمام من يستثمر هواءنا ويفرغ جيوبنا و(يحمّلنا منيّة).. اللهم أشهد!

العدد 1104 - 24/4/2024