التعليم ركيزة أساسية لبناء سورية الجديدة

يعد التعليم ركيزة مهمة للنهوض بالمجتمع وتطوره، وحجر أساس لتقدم الدول، وإذا كان التعليم بخير فالدولة بألف خير. ويعاني النظام التعليمي في سورية الكثير من المشكلات، منها: المناهج التعليمية، طرائق التدريس وإيصال المعلومة، وضعف المواد العملية والتركيز على المواد النظرية.

ولم يسلم السلك التعليمي من تبعات الأزمة السورية، فقد تأثر بها كما القطاعات المختلفة، لكن الحرب الدائرة بالبلاد زادت المعاناة وكشفت الغطاء عن ضعف المؤسسات التعليمية السورية.

المدارس الحكومية

تعاني المدارس الحكومية ضغطاً في أعداد التلاميذ وصعوبة استيعاب زيادة عددهم في الصفوف، بعد أن نزح الكثيرون من مناطقهم إلى مناطق أكثر أمناً، كما خرجت الكثير من المدارس عن نطاق الخدمة في أنحاء مختلفة، وكانت هناك صعوبات في إيصال الكتب المدرسية إلى التلاميذ وغيرها من المشكلات. لكن علينا ألا نتجاهل أن المدارس الحكومية قبل الأزمة كانت تعاني عدة مشكلات، منها المناهج التعليمية وقد تم تعديل هذه المناهج وأصبحت الجديدة منها مواكبة للتطور المعرفي، لكن الآليات المستخدمة بقيت كما هي باستثناء تعديلات بسيطة، ولم تتلاءم مع المناهج الجديدة، فالمدرسون القدامى خاصة يمتلكون منهجية اعتمدوا عليها لسنوات طويلة، فكان من الصعب عليهم التعامل بآليات مختلفة مع المناهج الجديدة، وإن كان المدرسون الجدد قد امتلكوا المنهجيات الجديدة  إلا أن الأعداد الكبيرة ضمن الصف الواحد حالت دون تطبيقها على أكمل وجه، خاصة أنها تعتمد بشكل كبير على التفاعلية.

وإذا كان العمل الدؤوب للمدرسين والإداريين والتعاون بينهم وبين وزارة التربية ومديرياتها المختلفة، أفضى إلى رفع سوية العملية التعليمية إلا أن وجود المدارس الخاصة خلق مشكلة جديدة وأصبحت هناك فجوة كبيرة بينها وبين المدارس الحكومية، ذلك أنها أظهرت آليات مختلفة في التدريس اعتمدت على التفاعلية إضافة إلى تركيزها على اللغات الأجنبية، فغالباً سنلاحظ فرقاً كبيراً في هذا الجانب بين طالب المدرسة الحكومية وطالب المدرسة الخاصة.

وهنا علينا البحث عن آليات جديدة لتقليص هذه الهوة، ليس بالاعتماد فقط على خطط الحكومة في هذه الناحية فقط، إنما بإشراك الأهالي في العملية التعليمية عبر إحداث هيئات أهلية يشارك الأهالي عبرها في وضع رؤى وتصورات خاصة بهم لتطوير العملية التعليمية وتدارك الأخطاء.

الجامعات.. حكومية وخاصة

تبدأ مشكلات التعليم الجامعي من اختيار الطلاب للفرع الذي سيدرسونه واعتماد ذلك على نظام المفاضلة، إذ يدرس الطالب وفق مجموع علاماته في الثانوية وليس وفقا لما يرغب فيه، فمعظم الطلاب يدرسون الفرع الذي أهّلتهم علاماتهم لدخوله لا ما يحلمون بدراسته .

من ناحية أخرى، فإن تركيز التعليم الجامعي على المواد النظرية وعدم الاهتمام اهتماماً كافياً بالمواد التطبيقية أو العملية يخلق مشكلة لدى الطالب عند تخرجه وتوجهه نحو سوق العمل، إذ سيجد فرقاً واسعاً بين ما تعلمه على مقاعد الدراسة وما سيعمل به على أرض الواقع.

يضاف إلى ذلك أن معظم المناهج التدريسية في الجامعات هي مناهج قديمة غير مواكبة للتطور العلمي وتدرس بآليات لا تتلاءم مع المرحلة الجامعية في بعض الأوقات. كما أن التعليم الجامعي الخاص أظهر فرقاً واضحاً بالمقارنة مع التعليم الحكومي بمناهج تعليمية حديثة متطورة ونظام تعليمي متوازن يعطي كلاً من الدراسة التطبيقية والدراسة النظرية حقهما معاً. وخلق مشكلة جديدة للتعليم الحكومي تكمن في الفرق الواضح بين خريج الحكومي وخريج الخاص بدءاً من المعرفة انتهاء بسوق العمل. تحتاج الجامعات الحكومية إلى تطوير مناهجها لتواكب التطور العلمي ومنح الطالب مزيداً من الدراسة التطبيقية ليكون قادراً على دخول سوق العمل، إضافة إلى تعديل نظام الدخول إلى الجامعة ليكون وفقاً لرغبات الطالب لا وفقا لعلاماته وبأقل تدخل ممكن من الأهل، وإن كانت الجامعات السورية تتمتع بمكانة لا بأس بها على المستوى المحلي إضافة إلى تخريجها الكثير من الأطباء والمهندسين والحقوقيين وغيرهم من أظهروا  تميزاً واضحاً على مستوى العالم، إلا أنها تستحق مزيداً من التطور والتقدم لتصبح ذات شأن مميز على مستوى العالم.

تحتاج سورية إلى المزيد من التطور لأن فيها من العقول والإمكانات ما يسهم في رفعها إلى مكانة أفضل ولأن صبر السوريين على كل ما مروا به يؤكد حقهم في حياة كريمة يستحقونها بالفعل.

العدد 1105 - 01/5/2024