القلاع لـ«النور»: نحتاج إلى سياسات واضحة لا تتبدل مع الوزراء.. الاهتمام بالزراعة والصناعة لإنهاض الاقتصاد الوطني

ببشاشته المعهودة استقبلنا السيد محمد غسان القلاع رئيس غرفة تجارة دمشق في مقر الغرفة بالحريقة، وتلقى أسئلتنا بصدرٍ رحب في حوار تناول العديد من الملفات والقضايا التي تمس الجانب الاقتصادي، وأجاب عنها بكل شفافية طوال ساعة من الزمن نقلنا له خلالها تهنئة أسرة (النور) بحصوله على ثقة التجار لدورة انتخابية جديدة في انتخابات الغرفة.

وشدد شهبندر التجار خلال اللقاء على ضرورة العمل على إعادة بناء الإنسان، داعياً للتفكير بأساليب جديدة لإحداث التوازن في المجتمع، خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها الاقتصاد السوري جراء الأزمة التي طالت البشر والحجر.

وأكد قبل بدء الحوار أن إجاباته تعبر عن رأيه الشخصي، وليس عن رأي غرفة تجارة دمشق التي توثق قراراتها وبلاغاتها بكتب رسمية.

سياسات غير منسجمة

عن رأيه بالسياسات الحكومية خلال الأزمة قال القلاع: (كنا ومازلنا بحاجة إلى سياسة اقتصادية ومالية ونقدية معلنة واضحة المعالم، غير قابلة للتعديل والتبديل والتغير بتبدل الوزارء المشرفين عليها، إنما يأخذ الوزير دور المتابعة وتحسين الأداء والتنفيذ، وليس تبديل السياسات وإعادة النظر فيها).

وقدم أنموذجاً عن كلامه وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية التي استلم دفتها عددٌ من الوزراء اقترح كل منهم خطاً، (لا أقول مخالفاً وإنما ليس موازياً لما أقر في القيادة والحكومة، ليأتي خلفه أيضاً ويقوم بتبديلات مختلفة)، وأكد أنَّ ذلك ترك أثاره على السياسة الاقتصادية التي باتت قلقة وغير مستقرة، منوهاً أنَّ كلامه ليس طعناً بمن تولوا هذه المناصب في السنوات السابقة.

وشدد على قيام وزارة الاقتصاد بوضع سلم بأولويات المستوردات بالتوازي مع قيام المركزي بوضع سلم لتمويل هذه المستوردات

الأسعار بين الأزمة والاحتكار

سألته (النور): استمر التاجر السوري في تأمين معظم احتياجات الأسواق من السلع ولكن بأسعار مرتفعة  فاقت القدرة الشرائية للمواطن السوري. من المسؤول عن ذلك..ظروف الأزمة..أم الجشع والاحتكار؟

يرى القلاع أنَّ التجار أبناء الوطن ولم يقوموا بعمل بقصد الإساءة المتعمدة للاقتصاد أو المواطن، لكنهم كانوا الدريئة التي سدد عليها كل من له رأي غير مبرر ووجه لهم الاتهامات، منوهاً أنَّ سعر الدولار مقابل الليرة كان يترواح في بداية الأزمة بين (47 -50ل.س) وكانت كل السلع متوفرة في الأسواق، مبيناً استمرار توفر كل السلع حتى بعد تجاوز الدولار عتبة 200ل.س، لكن بأسعار مختلفة، الأمر الذي انعكس على أصحاب الدخل المحدود.

ولفت رئيس غرفة تجارة دمشق لوجود نفقات كثيرة غير منظورة في قائمة التكلفة، بدءأ من وصول البضائع إلى الموانئ حتى انتقالها إلى مراكز الاستهلاك، مؤكداً أنها نفقات غير اعتيادية وتسهم في ارتفاع الأسعار كثيراً.

وأردف قائلاً: (التجار مثل باقي المواطنين وهذا يعني أن بينهم -كبقية شرائح المجتمع- الصالح والطالح).

وعن الوسائل التي تحدّ من جشع بعض التجار وتلاعبهم بالأسعار، خاصة أن الكثيرين من مراقبي التموين الفاسدين يتواطؤون معهم، قال: نحتاج إلى ضوابط أخلاقية، فهؤلاء جميعاً هم نتاج المجتمع، مؤكداً أن طرق ضبط السوق لا تكون بتشديد العقوبات، فعقوبة الإعدام لم تمنع الجريمة.

مضاربون بالليرة

وفيما إذا كان بعض التجار يلجؤون إلى المضاربة بالقطع الأجنبي بيّن إنَّ غالبية من يلجأ لذلك هم الذين ملكوا ثروات بالليرات السورية، وتمكنوا من استبدالها بالقطع الأجنبي بكل الوسائل، ثم باعوا واشتروا بها، مشيراً أنه قد يكون بينهم بعض التجار، لكن الأكثرية هي من عامة المواطنين.

اقتراحات للنهوض بالاقتصاد

وبالنسبة للمخرج الذي يراه للاقتصاد السوري، خاصة بعد وصول القدرة الشرائية لنحو 96% من المواطنين إلى الحضيض، أكد القلاع حاجتنا للتخطيط البنّاء مع وضع وتحديد الأولويات، مشيراً أن سورية ومنذ مرحلة  ما بعد الاستقلال أسست العمل الزراعي الذي يجب أن يتوسع، منوهاً أنَّ إنتاجنا الزراعي قبل التأميم كان وفيراً وجيداً على الرغم من الملكيات الكبيرة في مناطق عديدة من الأراضي السورية بالتزامن مع حسن استثمار الأرض.

وأشار لضرورة العمل على إعادة إصلاح الأراضي الزراعية بعدما أصابها من تلوث وخلافه جراء الأزمة ، والعمل على زراعتها من جديد، وتصنيع المنتجات لنصل للاكتفاء الذاتي ونصدر الفائض، كما أكد ضرورة العناية بالثروة الحيوانية معتبراً أنها المدماك الأساسي لاقتصاد المستقبل.

دعا أيضاً إلى العناية بالموارد الطبيعية كالفوسفات والنفط وغيرهما، وإعادة تخطيط استثمارها بالشكل الأمثل حتى نصل للمردود الأفضل.

وفيما يتعلق بالصناعة شدد على بذل الجهد لترميم المصانع وتشغيلها بالتزامن مع بناء مصانع جديدة تكفي الحاجة المحلية، ليصدر منها ما يمكن تصديره لتحقيق إيرادات من العملات الأجنبية المختلفة لدعم اقتصادنا، وهي اللبنة الثانية بعد الزراعة والثروة الحيوانية.

وفي الشق السياحي الذي أصابه الضرر الكبير، إذ تعرضت الكثير من المعالم السياحية السورية لشتى أنواع التخريب والسرقة، طالب بإعادة تنظيمها وتخطيطها لإعادتها متألقة كما كانت وجعلها مقصداً للسواح، وهو ما يسهم برفد خزينة الدولة بالعملات الأجنبية.

كما أشار إلى الاهتمام بتجارة الترانزيت التي تحتل موقعاً مهماً على لائحة الميزان التجاري السوري، إذ إن سورية تعد معبراً لتجارة الترانزيت نظراً لموقعها الجغرافي والتجاري المتميز؛ حيث تعد أهم معبر ترانزيت باتجاه الخليج العربي ودول الجوار، مشيراً أن تجارة الترانزيت تعد مصدراً رئيسياً وأساسياً للقطع الأجنبي، وتستفيد منها شريحة واسعة من المواطنين بالتحميل والتنزيل والنقل إضافة لتحريك المؤانى السورية.

العدد 1107 - 22/5/2024