هل يكفي أن يكون الشباب ثواراً..؟

 كل المجتمعات الإنسانية تتمتع بعادات وتقاليد متوافقة إلى حدّ ما مع مفاهيمها ورؤيتها للحياة والعلاقات الاجتماعية. غير أنها في مجتمعاتنا الشرقية عموماً تُصبح قوانين صارمة لا يُسمح بمخالفتها أو التصدي لها، رغم أن بعضها لا يمكن أن يتناسب والتطور البشري والحضاري.

ولعلّ الشباب هم الشريحة الأكبر التي تصطدم بتلك التقاليد والأعراف في مرحلة العنفوان التي تتصف عندهم بالتمرّد على السائد، مما يُعيق تطلعاتهم ورؤاهم. وهنا يقعون ما بين رحى تلك التقاليد، ورغبتهم في تخطيها للوصول إلى فضاء أوسع من الحرية، سواء في المعتقدات أو الآراء التي تتصف في هذه المرحلة من العمر بالثورية الساعية إلى التغيير.
ونرى البعض منهم غير هيّاب في تمرده محاولاً ما أمكن أن يعيش وفق رؤاه- الثورية- الخاصة وتطلعاته العامة للحياة والمجتمع، بينما نجد البعض الآخر ممن يتهيّبون تخطي السائد أو المألوف متماهين ولو ظاهرياً معه خشية لوم أو تقريع،
فما إن يتقدموا خطوات أخرى باتجاه النضج الاجتماعي- التقليدي حتى نراهم يلوذون بتلك المعتقدات والتقاليد كسمة أساسية من سمات المجتمع التي سيؤدي تجاوزها باعتقادهم إلى الرفض أو النبذ الاجتماعي، وهذا ما يخشونه ويخافون من تبعاته حيناً، أو أنهم يتشبثون بما يعتقدون أنه الصواب الذي يمكن أن تُطيح به ضبابية التغيير والأفكار الحداثية.
وبعضهم الآخر لا يحبذون الكثير من العادات والأعراف المجتمعية وليسوا مقتنعين بها، لكنهم يفعلونها خوفاً من محاربة الأهل والمجتمع. فالخوف هو الكابح الأكبر لقدرة أولئك الشباب على التغيير في أبسط الأمور، فكيف بهم في مسائل كبرى كالتغيير المجتمعي الضروري باتجاه التطور والخروج من شرانق التخلف والقيود البالية.

فهل يكفي أن يكون أولئك الشباب ثواراً في الوقت الذي لا يمتلكون الجرأة للثورة على القيود المجتمعية البالية المُعطلة لتطورنا وحضارتنا..؟ )

العدد 1105 - 01/5/2024