تمويل التنمية وأرباح القطاع العام (1من2)

لقد كان القطاع العام يوفر للخزينة موارد كبيرة. و قد أوضحت مذكرة لوزارة الصناعة أن القطاع العام الصناعي رفد الموازنة العامة للدولة خلال الفترة 1983- 2003 بما يزيد عن 7,1255 مليار ل.س (غصون سليمان – القطاع العام الصناعي رفد الموازنة بـ 1255.7 مليار ل.س خلال (1987-2003) – جريدة الثورة، دمشق، تاريخ 31/10/،2005 صفحة 5). هذا ما قدمه القطاع العام الصناعي فقط، فكم يرتفع الرقم إذا أضفنا إليه ما قدمه باقي القطاع العام في قطاع التشييد والبناء وقطاع النقل والمصارف وغيرها. يتبين عام 2010 من بيانات المؤسسات والشركات في القطاع العام الصناعي، أن الفائض فيها بلغ أكثر من 555 مليار ل.س. (المصدر:نشرة الإنتاج الناتج التكاليف الفائض العجز للقطاع العام الصناعي خلال عامي 2009- 2010 صفحة 15 – المكتب المركزي للإحصاء – دمشق – كانون الأول 2011.).مع ملاحظة أن البيانات تظهر أن لدى مصفاتي حمص بانياس عجزاً بقيمة أكثر من 13.5مليار ل س! هذه (لعبة مكشوفة) إذ تحمّل هذه الحسابات المصفاتين مسؤولية دعم المشتقات النفطية، لتبدو خاسرة، في حين ينبغي على الدولة تحمّل عبء شتى أنواع الدعم سواء للمشتقات النفطية أو للزراعة أو دعم سلع الاستهلاك الشعبي. بتعبير آخر إن فائض القطاع العام الصناعي يزيد في الواقع على 568.5 مليار ل س بكثير جداً عندما نصحح طريقة الحسابات الخاطئة في العديد من مؤسسات وشركات القطاع العام الصناعي وغيره!

هنالك محاولات بأشكال عديدة لإظهار أن القطاع العام خاسر، تمهيداً لبيعه بثمن بخس للقطاع الخاص المحلي، ربما بعد ذلك للقطاع الخاص الأجنبي! مع العلم أن هذه (الطريقة المخادعة) في الحسابات تموه الفساد والهدر وسوء الإدارة في الشركات المعنية بحيث يصبح وضعها الاقتصادي ضبابياً! يحتاج حساب الأرباح والتكاليف في القطر العربي السوري إلى المراجعة والتطوير حتى يكون كما هو في البلدان المتطورة بوصلة الإنتاج والاستثمار شفافاً للتدقيق والتقييم. ينبغي أن يصدر أي دعم حكومي بقانون، لا أن يتم بطرق ملتوية عبر تحميل بعض شركات القطاع العام هذا الدعم أو جزءاً منه.

 ينبغي الانطلاق في استراتيجية التنمية الاقتصادية في القطر العربي السوري حتى 2025 وتفاصيلها في شتى القطاعات الاقتصادية من بحث علمي وزراعة وصناعة وتشييد ونقل وتعليم وثقافة وسياحة وغيرها، الانطلاق من حجم الدمار الكبير الذي نجم عن حرب الاستنزاف التي نخوضها مع حلف الأطلسي الأمريكي الأوربي الصهيوني بأدوات (عربية) (مسلمة) بالدرجة الأولى تؤمن تمويلاً قسرياً لهذه الحرب الوحشية قدر العدو حجمه بـ 500 مليار دولار، يفرض على الأقطار العربية النفطية، خاصة في الخليج العربي دفعها مقابل تثبيت حكم (مشيخاتها) والقضاء على الحراك العربي الذي بدأ يتبلور شيئاً فشيئاً حرفه عن مساره، الذي يريد التنمية الاقتصادية المستقلة ووحدة الأمة العربية في دولة واحدة وتوفير العمل لأكثر من 100 مليون عربي عاطل عن العمل ورفع الأجور كي تكفل حياة كريمة لجميع المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية والسكن المنظم الصحي والتعليم الحكومي المجاني في جميع مراحله والضمان الصحي والضمان الاجتماعي وحرية التعبير.

ركزت الحلقة الأولى على النظام الضريبي، مستعرضة إيرادات الموازنة وموضحة تراجع الإيرادات الاستثمارية، في الوقت الذي ينبغي أن ترتفع بشكل كبير جداً لتحقيق التنمية الاقتصادية ومن ضمنها إعادة الإعمار. ودعت إلى رفع التصاعد الضريبي على الأرباح على شركات القطاع العام الخاص ليصل إلى 75% ومحاربة التهرب الضريبي بحزم شديد.

 تراجعت أرباح القطاع العام كثيراً جداً بعد بدء حرب الاستنزاف مطلع عام 2011 بسبب الدمار الكبير الذي أصيبت به مؤسساته شركاته وتراجعت أيضاً أرباح القطاع الخاص أيضاً للسبب نفسه. 

دفع القطاع العام ضرائب دخل للخزينة 5 أضعاف ما قدمه القطاع الخاص عام 2008 و 3.89 أضعاف عام 2009 و 6,3 أضعاف عام ،2010 مع العلم أن حصته من الناتج المحلي الإجمالي تعادل نصف حصة القطاع الخاص فقط حسب تقديرات وزارة المالية. لو أن أرباح القطاع العام بلغت 1814 مليار ل.س عام مثل القطاع الخاص عام ،2010 لورد لخزينة الدولة حول 453 مليار ل.س، لأنه لا يتهرب من دفع ضريبة الدخل مثل القطاع الخاص الذي سدد 24.57 مليار ل.س فقط! أي أنع كان سيدفع أكثر من 18 ضعفاً لما دفعه القطاع الخاص للخزينة في بند ضريبة الدخل على الأرباح فقط. يورد القطاع العام لصندوق الدين العام معظم الأرباح الباقية بعد تسديد ضريبة الأرباح مضافاً إليها الاهتلاكات أيضاً!

 

معيقات القطاع العام

1- لا يسمح له بالاحتفاظ بقيمة الاهتلاكات، للحفاظ على الطاقة الإنتاجية كما تفعل جميع الشركات.

2- الجهات الوصائية الكثيرة التي تشل حركته.

3- لا يستطيع أن يقرر برامجه الاستثمارية بمفرده.

4- لا يوجد في العديد من شركات القطاع العام مديرية مبيعات،تتولى التسويق في الداخل والتصدير إلى الخارج.

5- لا تتولى السلطات المعنية فتح الأسواق الخارجية للتصدير بشكل عام للقطاع العام أو الخاص.

6- المعدات والتجهيزات التقنية متقادمة في الكثير من المصانع الشركات، لذلك فإنتاجيتها ضعيفة وجودتها ضعيفة وكلفتها مرتفعة مقارنة بالسلع المقابلة في الدول الأخرى.

العدد 1105 - 01/5/2024