المواطن السوري بين المطرقة والسندان!

الرعب واليأس والفاقة والضياع هي مسميات لحالة المواطن السوري الذي سحقته حرب، أسنّتها الإخوة والأصدقاء المزعومون، وبلعته طاحونة إفقار ممنهج بيد من يعيش معهم ويتقاسم الهواء والماء والأرض.

نعم، هذا مابقي للمواطن السوري المحظوظ: ماءٌ وهواءٌ وأرض، وإفقارٌ بيد السماسرة والتجار والسارقين والقاتلين الذين يراهم يكبرون وتنتفخ حساباتهم المصرفية، بينما تنسحق هامته وهو يجري للقمةٍ تسد رمق عائلته التي بات يخشى العودة إليها لكي لايواجه الأعين المشدودة إلى الباب أو الفتحة التي سيدخل منها، الأعين الشاخصة لما تحمله يداه التي التصق فيها الجلد بالعظم، والتي ظهرت شرايينها نابضة تكاد تخرج من عقالها.

يسمع المواطن السوري عبارات قوية، جذلة، شيقة عن محاربة الإرهاب، الإرهاب الذي سرق ذاكرته وهدم أحلامه بالمستقبل، وعبارات أخرى عن محاربة الفاسدين والمفسدين، ويتساءل: بماذا يختلفون عن بعض؟ ماالفرق بين الإرهابين؟ وأيهما أشد وطأة على حياته؟ أليس من سرق قوته إرهابياً؟ أليس من دخل بيته بمسميات مختلفة ونهب ما فيه إرهابياً؟ أليس من فقد روح المواطنة وباع شرفه الوطني مقابل امتصاص دم الحياة من أبناء بلده إرهابياً؟

لايفهم المواطن السوري هذه المعادلة بين الداخل والخارج، وأين يقبع عدوه الحقيقي؟ هل هو من يقذفه بمختلف أنواع الأسلحة ويقلق أمنه، ويعرضه لمواجهة يومية سافرة مع الموت، أم من مهّد الطريق، على مدى سنوات طويلة، للأيدي الخفية أن تتلاعب بوطنه وتدفعه نحو حافة الانهيار، وامتص خلالها خيرات بلده ووظّفها لما يخدم مجونه وعربدته، وهو يتنادى بالحرية والديمقراطية التي يحتاجها الشعب العربي السوري؟

ألم يحن الوقت لرفع الستار وكشف الأقنعة؟ فلم يعد في سورية من لايعرف الحقيقة المرة.

 لن نستطيع أن نواجه هذه المنظومة الشرسة التي تنوي ابتلاعنا إذا لم نقضِ على السوس الذي نخر اقتصادنا وحياتنا وجعلنا عراة أمام الطامعين.

العدد 1105 - 01/5/2024