الاستثمار.. الواقع والآفاق

(النور)- خاص:

 تستمر جمعية العلوم الاقتصادية (فرع اللاذقية) بعقد سلسلة ندواتها ضمن إطار العيد الذهبي لجمعية العلوم الاقتصادية، كان آخرها ندوة بعنوان: (الاستثمار.. الواقع والآفاق)..

بعد الوقوف دقيقة صمت إكباراً وإجلالاً للدماء الطاهرة التي روت وتروي أرض سوريتنا الطاهرة، بدأ الدكتور سنان علي ديب الجلسة بالحديث عن أهمية الاستثمار والحاجة الماسة إليه، في ظل الظروف الراهنة وتمهيداً للمستقبل وإعادة البناء، متحدثاً عن البيئة المميزة لسورية من خلال الموقع الجغرافي وتوفر المواد الأولية والثروات الباطنية والكوادر البشرية التي تُسلب أو يُعمل لتفريغها منها، مذكراً بأنه رغم القاعدة المتينة من البنى التحتية والمنشآت جرى إنشاء المدن الصناعية واستكمال البنى التحتية، إلا أن عامل الفساد وسعي البعض لتقويض دور الدولة وقتل القطاع العام من أجل المصلحة الذاتية، وسياسات التعيين الخاطئة واستشراء سياسة الإفساد، قوض جزءاً كبيراً من الفوائد المتحققة رغم الحجم الكبير للفوائض، إلا أن هناك من كان يسعى لإقحام مؤسسات خاصة على حساب أرباح القطاع العام، كما حصل في شركات التأمين وشركة التوكيلات الملاحية والمصارف التي عمل جزء، ممن استثمروا في (الخاص)، على تفليس (العام) عبر قروض لمشاريع وهمية كما حصل في المصرف الصناعي الذي أفلس بديون تتجاوز 14 مليار ليرة سورية.

 

تحدث عبد الرزاق درجي عن تأثير الأزمة على زيادة تكاليف الاستثمار من خلال الحصار المفروض، وقطع طرق المواصلات، وتدمير البنى التحتية وتهريب الأموال التي قدر جزء منها بنحو 12 مليار دولار إلى لبنان وحده، وأن حجم الخسائر التي مُني بها الاقتصاد حتى نهاية 2014  نحو 202 مليار دولار. ثم تكلم عن جملة مقترحات لحل الأزمة عبر السعي لحل سلمي موحد وموفر للدم السوري، وعبر سرعة العمل للمصالحة والإصلاح والانتقال إلى نظام سياسي تعددي يحارب ويقوض الفساد، وعبر استمرار دور الدولة القوي العادل والداعم لمختلف شرائح المجتمع، وعدم تخلي الدولة عن القطاعات السيادية الرئيسية.

علي ريا أكد ضرورة استمرار الدولة بدورها التنموي والعمل لتوطين التكنولوجيا، أسوة بتجارب دول كالصين، وضرورة وجود مصرف متخصص بالاستثمار هذا الاستثمار الذي يجب أن يؤمن الأمن الصحي والغذائي والصناعي.

بعد ذلك تكلم نديم شامدين عن عدم توريط الدولة في الاستثمارات داعياً إلى دور للمثقفين تجميعي بنّاء وضرورة التواصل بين القواعد الشعبية والمسؤولين، وأنه كان يجب الاستفادة من أموال النازحين بدلاً من تطفيشهم.

وتكلم نجدت علي عن أهمية البحث العلمي في رفد الاستثمار بخبراء وكفاءات، وعن إهمال ها الدور سابقاً.

المهندسة دينا إلياس تكلمت عن ندرة الاستثمارات في القطاع الزراعي وعن تجربة ناجحة لصناعة النبيذ اعتماداً على العنب المحلي هذا المنتج الذي يصدر للخارج، وعن الدور الفردي في الترويج السياحي وحب السوريين والأجانب لسورية.

وبعد ذلك تكلم محمد بنشية عن الثقافة العربية ودورها في الوصول إلى ما نحن عليه، وأن المواطن مسؤول مثل الدولة، وأنه يجب عدم الخوض بموضوع الفساد. وهنا تدخل الدكتور سنان بأنه لا يحق لأحد أن يعمّم الفساد، وأنه لا يمكن لأي كان أن يشكك بوطنية أي شخص يعمل لمصلحة البلد، وعندما نتكلم عن حيتان الفساد، فإننا نتكلم عن ظاهرة، وأنه بتعديلات قانونية وتطبيقها على الجميع وعودة روحية المؤسسات نتخلص من الكثير من تبعاته، وأن الثقافة العربية قد أوصلتنا سابقاً إلى مستويات تنموية تنويرية كبيرة، ولكن مصلحة البعض التي أرادها على حساب المؤسسات والدولة هي من تسبب بما نحن عليه.

غدير غدير تحدث عن ضرورة وجود دور مركزي للدولة في العملية الاقتصادية، والدولة التي لا تستطيع حماية مواطنيها لن تستطيع الاستمرار، وأكد أن التشاركية ضرورة ولكن ضمن شروط بناء وطن، ولا يكون على حساب غبن لحق الدولة والمواطن، وكذلك أن يكون نمط الإدارة بالإنتاج هو المسيطر. ويجب ترشيد الاستيراد بما لا يعطي الأهمية للسلع الكمالية والاستهلاكية، وأنه كان من المفروض وجود حكومة حرب.

ثم تكلم نهاد بدور (من المهتمين بالمصالحة الوطنية) عن تفشي الانحلال الأخلاقي وعرقلة فوضى الأخلاق والنفاق لمسيرة الاستثمار وضرورة الاعتماد على التعيينات الصحيحة.

ثم تكلم عيسى غدير عن أن مواجهة الفساد ستلاقي صعوبة، ويجب الصبر لأن شريحة الفاسدين المفسدين لديهم ثقافة (مقاومة) وأدوات جاهزة للدفاع عن فسادها.

و تكلم الدكتور عبد الهادي الرفاعي عن أن الأولوية لبناء الإنسان، وأنه يجب أن تكون الأولوية للقطاعات الإنتاجية والزراعية.

وختم الدكتور سنان الندوة بتوافق الحاضرين على دور الدولة القوية، وضرورة أن تكون هناك لائحة أولويات تراعي المقدرة الاقتصادية والاحتياجات الاجتماعية، وضرورة إعادة النظر بأسعار حوامل الطاقة، وأن تكون البيئة التشريعية والقانونية قوية وضامنة لحقوق المستثمرين، وأن يراعى الموضوع المعني بأي استثمار محلي أو خارجي، مذكّراً بما وصلنا إليه من أخطار، من خلال التسهيلات للاستثمارات العقارية والسياحية الخارجية لبعض الدول، وأن ما حصل لمحطة الحاويات أو لمعمل الأسمنت بطرطوس لم يكن استثماراً وإنما هبة للبعض على حساب بنى دفع تكاليفها الشعب السوري، وأنه يجب عودة دور المؤسسات بالتعيينات من عمق المجتمع بدلاً من المحسوبيات المدعومة من قوى اقتصادية، وأنه يجب العمل على الاستثمار في الموارد البشرية من خلال جودة التعليم والقضاء والصحة التي عُمل لتقويض دورها مذكراً بأنه عمل على التدمير الاقتصادي بما يفوق التدمير العسكري مذكراً بما ينال الشعب من اللعب بالدولار والأسعار.

العدد 1107 - 22/5/2024