كي لا ننسى…خالد الزعيم مناضل انبثق من صميم الشعب

 ولد المناضل الشيوعي خالد الكردي (الزعيم) في قرية العبادة، وهي إحدى قرى ريف دمشق عام ،1922 ونشأ وترعرع في حي ركن الدين في بيئة متدينة، تأثر بداية بالفكر القومي على يد الشاعر والأديب الكردي قدري جان، ثم فيما بعد، وعن طريق المناضل العمالي إبراهيم بكري، تعرف على أفكار الحزب الشيوعي السوري وسياسته، وانضم إلى صفوفه مع مناضل آخر هو عبد الكريم محلمي عام ،1947 ومنذ ذلك الوقت ارتبطت حياته كلها بالحركة الشيوعية السورية، خائضاً مع الحزب كل نضالاته ضد الدكتاتوريات ومن أجل الديمقراطية، وتعزيز الاستقلال الوطني، ودفاعاً عن مصالح الشعب، دون أن يبالي بمصالحه الشخصية، فقد شارك في المظاهرات وتوقيع العرائض المطلبية وتوزيع المنشورات السياسية والاحتفالات الوطنية والطبقية، ومئات الاجتماعات الجماهيرية، التي كان الكثير منها يجري في بيوت الرفاق في مختلف أحياء دمشق ومنها منزل شقيقه أبو إبراهيم (كان هذا المنزل يسمى منزل مؤتمرات الحزب) وكذلك منزل كل من شكري صديق ونديم وفخري رمضان وعدنان قره حولي وجورج عويشق وغيرهم، تعرض للملاحقات والاعتقالات والتعذيب أيام الدكتاتوريات العسكرية، وسجن مرات عديدة في سجن القلعة وسجن المزة العسكري وتعرض لتوقيفات من أقسام الشرطة والنظارة، وقد بقي في سجن تدمر عاماً كاملاً مع عدد من الرفاق.

قلائل هم الرفاق الذين كانوا يملكون موهبة تكوين علاقات وثيقة مع الناس مثل الرفيق خالد الزعيم، كان قريباً منهم، ويشعر بأنه منهم، بعيداً عن الغرور والتملق، كان بسيطاً ومتواضعاً دون تصنع، صادقاً، يملك حس الفكاهة حتى في أصعب الأوقات، لم يبحث مطلقاً عن المجد الشخصي والمناصب، ولذلك أحبه الرفاق.. كان محترماً من الناس البسطاء، في صيف عام 1957 رشحه الحزب مع رفاق آخرين إلى انتخابات المجلس البلدي في دمشق، إلا أنها تعطلت بسبب قيام الوحدة، ولقد كانت كل التوقعات تشير إلى أنه مع رفاقه المرشحين الآخرين سيفوزون في الانتخابات.

مثّل الحزب في نقابة المحامين لفترات مختلفة، واكتسب احترام زملائه، وفي هذا السياق لابد من الحديث عن شقيقه سعيد (أبو إبراهيم) الذي كان صديقاً للحزب، ولكن ما قدمه له كبير جداً. لقد اعتقل نجله علي (أصبح مهندساً فيما بعد) أثناء الوحدة المصرية السورية، وبقي في سجن المزة ثلاث سنوات رافضاً بحزم أن يعلن انسحابه من الحزب الشيوعي وبراءته منه، كما قدم منزله للحزب، وعقدت مؤتمرات عدة فيه، لم يبخل بتقديم كل ما يستطيع للقضية التي كان يناضل الحزب من أجلها، وكان مقتنعاً بعدالتها، بتلك البساطة التي يكمن فيها ذلك العمق الإنساني الذي لا يمكن نسيانه.

قبل عقد غادرنا الشيوعي خالد الزعيم، مخلفاً وراءه تراثاً نضالياً ثرياً يجب أن لا ينسى، وقد صرح في إحدى مقابلاته مع أحد الرفاق قبل مغيب حياته (لقد كانت حياتي غنية رغم كل الصعوبات والمعاناة، ويشرفني أني شيوعي، وأدعو جميع الرفاق إلى أن يبرهنوا على انتمائهم الحقيقي لشعبنا ووطننا، وذلك بالنزاهة والاستقامة والصدق بالدفاع عن حقوق الجماهير الشعبية في العيش الحر العزيز، وتلك مسؤوليتنا جميعاً إن كنا شيوعيين، وأشد على أيدي جميع الرفاق). ستبقى ذكراك أيها الرفيق الزعيم عزيزة على كل من ربط حياته بمثل العدالة والحرية والوطنية التي ناضلت من أجلها وقدمت في سبيلها كل ما تستطيع من جهد وتضحية.

العدد 1105 - 01/5/2024