المطلوب تثبيت سعر صرف متوازن

 خطت الحكومة، في مجال تحديد سعر صرف الليرة، خطوات واسعة باتجاه أسعار السوق السوداء، التي تتهمها ـ أي الحكومة ـ على الدوام بأنها أسعار المضاربين، وأنها وهمية، ولا تعبر عن الواقع.

فمع بيع المركزي كميات من القطع الأجنبي بسعر 327 ليرة، الأحد الماضي، تسقط كل التصريحات الحكومية التي تتهم السوق السوداء ودورها في رفع أسعار الصرف، ليبرز تساؤل حقيقي: هل السعر الجديد ينعكس سلبياً على الاقتصاد الوطني؟ وهل هو سعر حقيقي، ومتوازن، وعادل؟

مع كل قفزة جديدة في أسعار الصرف، ثمة اعتراف حكومي، بأن ما يجري هو تحت سيطرة السلطة النقدية ونظرها، واللافت أن المركزي يرى في أي سعر يحدده، سعراً عادلاً وحقيقياً، ولديه من الأسباب ما يكفي للتدليل على موقفه، حتى وإن تناقض ذلك مع مواقف سابقة له. إنه التخبط الحكومي غير المفهوم، والموقف المبني على غير الوقائع، إذ تقود السوق السوداء المصرف المركزي لتحديد سعر صرف حقيقي، بينما يحاول المركزي المحافظة على سعر منخفض. ها هو ذا الواقع النقدي باختصار شديد، وبهذه الطريقة تدار أهم الملفات النقدية، دون محاسبة أو متابعة من جهة وصائية ما. فالاستهداف الممنهج لليرة، لا يعفي السلطة النقدية من تراخيها الواضح في مجال حماية الليرة، وتحصينها، ولا يبرر لها تقصيرها، وعدم شفافيتها في المحافظة على سعر صرف معقول.

ولابد من الاعتراف بواقع سعر الصرف الحقيقي، وعدم تبديد الجهود لتثبيت سعر صرف لايمكن الدفاع عنه، وحمايته، إذ إن القفزة السعرية الجديدة التي رسختها الحكومة، تمثل أولى الخطوات نحو الاعتراف بالمشكلة النقدية، وتحديد سعر صرف متوازن.

العدد 1105 - 01/5/2024