نجاحكِ.. سبب كآبة بعضهم

كثيراً ما نلاحظ خلافات في بعض الأسر، والسبب بعيد كل البعد عن عدم تفاهم، أو إهمال من قبل الزوجة بحق منزلها أو أطفالها أو زوجها، وإنما السبب هو نجاح المرأة في عملها أو دراستها، إذ يظن الزوج هنا أن زوجته تفوقت عليه وتريد أن تأخذ مكانه. وهنا يبدأ بمضايقتها وتقييد حريتها، وأحياناً كثيرة يقدم الزوج على طلاق زوجته عندما يفقد المبرر المقنع، فيلوذ بتهم مختلفة لتسقط في نظر المجتمع وتكون كفة الميزان راجحة لصالحه.

 وعند بعض الرجال نرى حالات مختلفة بعيداً عن الطلاق وغيره، مثل كثرة الإنجاب لينحصر اهتمام المرأة بأطفالها فقط، فتغدو لديه حجّة قوية بأن يتخلى عن العديد من أعباء الأسرة مُلقياً بها على عاتق زوجته.

هنا تقف المرأة أمام طموحها مكتوفة الأيدي لا حول ولا قوة لها، ريثما يكبر أطفالها لتكون أحلامها قد شابت. وفي أحيان كثيرة نرى أن هناك رجالاً يستغلون نجاح زوجاتهم لتمرير صفقات لهم، فتكون الزوجة هنا طعماً لترويج أعمال غير مشروعة للزوج.

ولكن لا يمكن أن نعمم هذه الحالات على الرجال جميعاً، لأننا نرى الكثير من الرجال يتقاسمون الطموح مع زوجاتهم ليسيروا على درب النجاح معاً، وكثيراً ما نرى الرجل يتولى مهام المنزل في غياب الزوجة، من تدريس الأطفال والاهتمام بهم حتى لو كان بعضهم في سن الرضاعة. وهنا نرى الرجل هو السند والداعم للمرأة.

ولا تقتصر محاربة طموح المرأة على زوجها فقط، إذ نرى هذه الظاهرة أيضاً عند بعض الأهل، فيكون الأب أحياناً عقبة في طريق ابنته ليمنعها من تحقيق حلمها في التعلم أو العمل، ومثله أيضاً الأخ، وذلك من خلال تحريض الأم والأب على منعها من الخروج إلى الجامعة بذريعة الفسق والاختلاط، أو من الخروج للعمل بذريعة أن الوظيفة تعلّم الفتيات التمرد.

في النهاية لا يمكن أن نرى الرجال جميعاً بمنظور واحد، فهناك طباع يتميّز بها رجل عن آخر، منهم من يرى المرأة أمّاً وأختاً وحبيبة وزوجة لها كيانها المستقل، وفي الوقت ذاته تقاسمه الحياة لبناء مجتمع سليم، ومنهم من يراها ضلعاً قاصراً يُحرّم عليها الخروج من تحت سيطرته، لأنه يرى نفسه الجناح الحامي لها، ولا يمكنها أن تخرج من تحت جناحه، وبالتالي يرى أن طموحها عقبة له وإنقاص من كرامته، لذا لابدّ أن يقف بوجه هذا الطموح بكل ما أوتي من أساليب وسطوة.

العدد 1107 - 22/5/2024