«التنمية الإقليمية لإعادة الإعمار في سورية»…العنوان الأبرز على طاولة المناقشات في جمعية العلوم الاقتصادية

 افتتحت جمعية العلوم الاقتصادية جلسة يوم الثلاثاء 15/3/،2016 بمناقشة دراسة قدمها الخبير في مجال الطاقة، الدكتور زياد عربش، بعنوان (التنمية الإقليمية لإعادة الإعمار في سورية)، واستمع الحضور إلى عرض مفصل للدراسة التي تتعلق بطرح أفكار لإعادة الإعمار، وشروط النهوض بها.

وكشف عربش، خلال الدراسة أنه (لتحديد النمو المؤدي إلى التنمية، يجب تحديد هوية الاقتصاد برؤية طويلة الأمد وبناء نموذج تنموي، لأن النمو لا يؤدي إلى تنمية، إن كان ريعياً ولم تكن مصادره متنوعة، ويضمن بعوائده، الموزعة بعدالة، اندماج كل السوريين والمناطق لتولد مصادر متنامية من النمو، ومعاكسة الاتجاهات من مركز مستقطب وحيد، إلى نشر التنمية المندمجة المتفاعلة مع بقية المناطق، أي من التركّز القطبي إلى محاور تنموية وابتكار محاور أخرى، وذلك لبناء نموذج جديد يعتمد إعادة توزيع الأثقال، ويأخذ بالاعتبار تغيّراً ديمغرافياً، بفعل نزوح خارجي وداخلي غيَّر المعطيات كماً ونوعاً، وتكامل التنمية والتخطيط القطاعي والإقليمي، أي معالجة الاختلالات التنموية المتراكمة قبل الأزمة).

وأكد عربش (ضرورة معالجة الاختلالات التنموية ضمن منظور التنمية الإقليمية التصالحية وشموليتها بمثلثي الاستدامة، بالتلازم مع المثلث الآخر بأبعاده الثلاثة: الاقتصادي، والبيئي، والاجتماعي، من أجل البدء بمرحلة النهوض والبناء)، مشدداً على (ضرورة الانطلاق نحو المصالحة الوطنية بأثر رجعي، بحيث تحصل مثلاً القرى الأكثر فقراً على قيمة المعامل كاملةً، في حين لا تحصل منطقة فيها مؤشرات التنمية الأعلى على مستوى سورية على أية نقطة).

وفي ما يتعلق بمجال النقل البري، أوضح عربش أن (سورية تعتبر عضواً في منطقة الغافتا، ومنفذاً استراتيجياً للعراق ولدول الخليج على المتوسط، ومن هنا تتبلور أهمية محوري الشمال والجنوب، ويصبح السؤال مشروعاً حول غلبة فلسفة النمو على حساب التنمية، مع ملاحظة مفارقة أن 80% من السكان يتمركزون على محور حلب درعا، في حين تشكل المنطقة الشرقية 70% من مصادر الناتج، ولذلك يجب إعادة رسم الخريطة وإعادة توزيع الأحمال والأثقال، ويقترح هنا: الطريق الشمالي الجنوبي، والشرقي الغربي، وامتداداتهما الإقليمية، محاور للتنمية المتوازنة وليست طرقاً خدمية، بحيث تستهدف فك الاختناقات ليس فقط الطرقية بل التنموية، من خلال تفعيل مكانة سورية في الإقليم، واندماج مناطقي فعال، وتوليد مكامن جديدة للنمو، محور شمال جنوب مع دلتا التنمية الشمالية، ودلتا التنمية الجنوبية).

وفي مجال الطاقة والبنية التحتية، أكد عربش أنه (يجب بناء مصانع مكونات ومزارع لإنتاج الطاقة الكهروشمسية والكهروريحية، وشراكات استراتيجية مع دول حتى من خارج المنطقة، لبناء معامل ومصانع لتلبية إمدادات الطاقة الداخلية، وتأسيس الخطوط العابرة للنفط والغاز، كمحور العراق سورية، والغاز الإيراني، وإقامة منشآت نفطية بتمويل وتحالف مشترك، في شمال شرق سورية، كمصفاة للنفط العراقي، ليمد كلاً من العراق وجنوب تركيا والمنطقة الشرقية من سورية بالمشتقات ويصدّر الفائض، وإقامة مصفاة عربية على المتوسط).

وأبدى المجتمعون آراءهم بالدراسة التي قدمها الدكتور عربش، بحيث أجمع أعضاء الجمعية على ضرورة (تأمين الأمن والأمان الذي يدفع المواطن للبدء بإعادة الإعمار منفرداً بعيداً عن المساعدات وانتظار الخطط الحكومية).

وقال نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العلوم الاقتصادية، غسان القلاع إن (الاقتصاد السوري سيأخذ شكلاً جديداً بعد الأزمة، وسيكون على شكل شركات مساهمة، والمواطن السوري هو من سيبني البلد بإمكاناته، مهما طال الزمن)، مشيراً إلى أن (العنصر الأهم في هذه المرحلة هو ألا نكون مدينيين لجهات خارجية، وعدم قبول الهبات الخارجية والقروض التي ستقدمها الدول المعادية).

وقال أمين سر الجمعية، فؤاد اللحام إن (إعادة الإعمار حاجة، والحديث عن إعادة الإعمار يطمئن الرساميل في الخارج والكفاءات، ويبقي عندها أملاً في العودة)، بينما أكد الدكتور نبيل مرزوق في مداخلته، (ضرورة امتلاك رؤية واضحة المعالم)، مشيراً إلى (غياب الرؤية عند أصحاب القرار الاقتصادي، إضافة إلى تغييب المجتمع، ووجود الفساد)، مؤكداً أنه (إذا لم يكن لدينا الرؤية لتجاوز المشكلات، فلا يمكن بناء مجتمع آمن ومستقر).

وشدد مرزوق، على (أن هناك شروطاً أساسية وهي تحديد الأولويات، وعلى هذا الأساس يمكن رسم رؤية مستقبلية سورية على أيدي السوريين)، مضيفاً أن (الشرط الأساسي أن يكون المجتمع قائد العملية، وعلى هذا الأساس يمكن إعادة البناء، وإلا فلن تصل إلى المرحلة الثانية وهي إعادة الإعمار، لذلك يجب إشراك المجتمع وأن يكون القرار جماعياً).

وتساءل عضو الجمعية بشار المنيّر، عن (مصادر تمويل إعادة الإعمار)، مشيراً إلى أن (الحكومة لا تملك أي خطة لإعادة الإعمار بعد، وأنها تعتمد على توقعات دون وجود رؤية واضحة المعالم لإعادة الإعمار، لذلك علينا_ نحن السوريين_ وضع الخطة لأن الدولة لن تضعها)، مضيفاً أن (إعادة الإعمار تحتاج إلى تمويل كبير، ودول الخليج لن ترسل إلينا مليارات لإعادة الإعمار)، جازماً أن (تكاليف إعادة الإعمار غير متوفرة، ولكن هناك موارد يجب الاعتماد عليها للانطلاق نحو إعادة الإعمار، وبالتالي يجب ألا نعتمد على القروض والتمويل الخارجي لأن ذلك غير مجدٍ)، بحسب تعبيره.

العدد 1105 - 01/5/2024