التقلّبات في الاقتصاد السوري وأثرها على ميزان المدفوعات (2من2)

 يشمل ميزان الخدمات بشكل أساسي التصدير والاستيراد لخدمات الشحن والنقل وخدمات السياحة والسفر والخدمات الحكومية وخدمات أخرى، أما ميزان الدخل فيشمل تعويضات العاملين المدفوعة لغير المقيمين والمستلمين من غير المقيمين بشكل أجور عمل موسمي بشكل أساسي، إضافة إلى دخل الاستثمار المدفوع لغير المقيمين أو المقبوض منهم.

إن ميزان تجارة سورية الخارجية في نفقات الشحن والنقل كان سالباً، في الفترة من عام 1992-،2003 ففي عام 2003 بلغ العجز 30264 مليون ليرة سورية (5). واستمر هذا العجز يتصاعد إلى وقتنا، فبلغ عام 2014 حوالي 616 مليون دولار (6). أما بالنسبة لخدمات السياحة والسفر فقد تراجعت بصورة خطيرة خلال كامل الفترة.

إن السبب الرئيسي في انخفاض رصيد الخدمات وحدوث العجز يعود إلى زيادة المستوردات الخدمية في الشحن والنقل وغيرها، مقابل ثبات الموارد الخدمية من الشحن والنقل، وانخفاض كبير في المتحصلات من السياحة. أما نسبة رصيد الخدمات إلى الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية كوسطي خلال الفترة المذكورة فقد بلغت نحو 1,5% (7).

أما ميزان الدخل فيشير صافي الميزان إلى عجز دائم خلال الفترة المذكورة، إذ نلاحظ ارتفاع هذا العجز من 26413 مليون ليرة سورية عام ،1992 إلى 42173 مليون ليرة عام 2003 (8)، ووصل هذا العجز في عام 2014 إلى 1130 مليون دولار (9).

ويعود سبب هذا العجز إلى عدة عوامل أهمها:

– انخفاض تحويلات العمال السوريين الموسميين في لبنان.

– ارتفاع عوائد الاستثمار المقبوضة لقاء توظيف الموجودات الأجنبية خلال الفترة 1995-2001 ثم انخفاضها بشكل كبير بعد ذلك.

– ارتفاع فوائد خدمة الدين وخاصة في الفترة الأخيرة.

– انخفاض المبالغ المسددة لشركات النفط خلال الفترة الأولى 1995-،1999 هذه الفترة التي شهدت انخفاض أسعار النفط العالمية، ثم زيادتها بشكل كبير خلال الفترة الثانية ثم انخفاضها من جديد.

أما فيما يتعلق بحساب التحويلات الجارية دون مقابل، فقد لوحظ وجود زيادة طفيفة من عام 2000 إلى 2007 في التحويلات الخاصة والإرساليات المحولة من المغتربين السوريين المقيمين في الخارج، وانخفاض حجم الإعانات لإغاثة تشغيل الفلسطينيين المقيمين في سورية، والإعانات النقدية المقدمة للقطاع العام، إلا أن هذه التحويلات تراجعت بصورة كبيرة بعد انفجار الأزمة السورية.

 

الحساب الرأسمالي والمالي

 سجل الحساب الرأسمالي والمالي خلال الفترة من عام 2000 إلى 2007 صافي تدفق للداخل، ويعود سبب ذلك إلى عدة عوامل أهمها: زيادة الاستثمار الفعلي لشركات النفط، وزيادة في صافي القروض الخارجية المستعملة، وانخفاض في صافي حركة الرساميل القصيرة الأجل بسبب انخفاض التسهيلات الائتمانية الممنوحة للقطاع الخاص، نتيجة ربط الاستيراد بالتصدير والاعتماد على تحويل مستوردات القطاع الخاص من قطاع التصدير والحسابات المصرفية لدى المصرف التجاري السوري، ثم سجل الحساب الرأسمالي والمالي فيما بعد تدفقاً للخارج، والسبب يعود إلى انخفاض الاستثمار الفعلي المباشر وخاصة الاستثمار الفعلي لشركات النفط وعقود الخدمة، وانخفاض صافي حركة الرساميل القصيرة الأجل لانخفاض التسهيلات الائتمانية، وارتفاع حركة الاقتراض والتسديد طويلة الأجل من وإلى الخارج، وضعف إمكانيات القطاعات الانتاجية والخدمية وعدم قدرتها على المنافسة في السوق المحلية والدولية، نتيجة ضعف الإنتاجية والمحتوى التقني والإدارة الاقتصادية، كما أن تركيب الصادرات كان يدل على تراجع في المرحلة التنموية، فالاعتماد كان يتزايد على مواد أولية غير مستدامة قبل الأزمة مثل النفط والموارد الزراعية الأولية، وهي فرص ضائعة من حيث إمكانية الحفاظ عليها وزيادة القيمة المضافة فيها، كذلك كان هناك تضخم في استيراد القطاع الخاص نتيجة الاعتماد على الصناعات ذات المحتوى الاستيرادي العالي، والتي لا تنتج قيماً مضافة عالية ولا تملك القدرة على المنافسة بدليل ضعف صادرات القطاع الخاص، وأثرت الإجراءات المعقدة والقرارات غير المستقرة سلباً على توقعات المصدرين والمستوردين والمستثمرين، بدليل ارتفاع الرسوم غير الجمركية وانخفاض الحصيلة الفعلية للرسوم الجمركية، وكذلك ضعف إيرادات السياحة وانعدامها مؤخراً رغم الإجراءات العديدة التي اتخذت في القطاع السياحي، والاستيراد العالي لخدمات النقل والتأمين والمال، وأخيراً تدفق خارج كبير لدخل عوامل الإنتاج لغير المقيمين المتمثل بشكل رئيسي بشركات عقود الخدمة، وضعف حجم الاستثمارات بشكل عام والأجنبي المباشر بشكل خاص.

*******

(5) هيئة تخطيط الدولة: تحليل الاقتصاد الكلي السوري عام 2005.

(6) تقديرات خبراء صندوق النقد الدولي لعام 2015.

(7) تقديرات خبراء صندوق النقد الدولي لعام 2015.

(8) هيئة تخطيط الدولة (تحليل الاقتصاد الكلي السوري عام 2005).

(9) تقديرات خبراء صندوق النقد الدولي لعام 2015.

العدد 1107 - 22/5/2024