الاقتصاد السوري والنظرة المستقبلية..

 استمراراً للنشاطات المتلاحقة لفرع جمعية العلوم الاقتصادية باللاذقية، ولملتقياته الهادفة لنشر الثقافة الاقتصادية وتكريس دور الحوار للوصول إلى رأي أصوب وأقوى، وضمن الملتقى الاقتصادي الحواري التفاعلي الرابع بعنوان (الاقتصاد السوري والنظرة المستقبلية أقام الفرع أولى نداوته بعنوان (الأمان الاقتصادي والاجتماعي)، وبعد الوقوف دقيقة صمت إجلالاً للدم السوري الطاهر الغالي، افتتح الحوار الدكتور سنان علي ديب رئيس فرع اللاذقية لجمعية العلوم الاقتصادية، منوهاً بقيمة الأمان على المستوى الشخصي والوطني للعيش الطبيعي البناء المبدع، ويتجسد الأمان الفردي بتأمين الحاجات الإنسانية من غذاء ومأوى وكساء وصحة وعمل وتأمين المستوى المعاشي المناسب، ويعتبر الأمن والطمأنينة شيئان أساسيان في الحياة الإنسانية، لا يمكن تصور المجتمع المستقر والمستدام من دونهما، فمن خلال توفرهما يتمكن الإنسان من الحصول على حاجاته الأساسية، وغيرها من الحاجات الكمالية، التي تزداد وتتنوع بتوفر الأمن والاستقرار في المجتمع.

كما أننا إذا نظرنا إلى كيفية حصول الإنسان على المصادر التي يكون من خلالها الثروة أو الدخل أو استئناس الحيوان أو النباتات، نجد أنها لا تأتي إلا بتوفير الأمان والطمأنينة والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وما وصلنا إليه كسوريين خاصة وما يحاك لمن ينظر إليهم من منظور التبعية والعبودية، هو نتيجة معقدة ومركبة لمسببات كثيرة.

ثم تكلم السيد عبد الرزاق الدرجي عن أهمية الوصول إلى التنمية المتوازنة المستقرة المستمرة المستقلة وكمحصلة لها، بتضافر جهود المؤسسات الوطنية نصل إلى الأمان المطلوب، وتطرق إلى الانعكاسات المدمرة لما يجري من مؤامرة مركبة على سورية زعزعت الأمان العام بكل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فزادت البطالة وعم الفقر وتضاعف أعداد المهاجرين ونزوح أكثر من نصف المجتمع يعيشون بظروف صعبة، وانتشار ظواهر وأمراض اجتماعية شوهت الهوية وسودت الكثير من الأفكار، ولابد من العمل الجماعي الدؤوب المتضافر بين القوى الوطنية والمؤسسات والسعي إلى الحل السوري السوري، لتجاوز هذه المحنة والانطلاقة القوية البناءة، فلا بد من نهج اقتصادي اجتماعي يراعي الخصوصية السورية وينقلب على النهج السابق الذي فتح الثغرات في البنى كمدخل للأزمة .

وتطرقت السيدة مها خزام لتجار الأزمة  ولما يترتب على نشاطهم من تطويل الأزمة وزيادة نزيف الدماء، وزيادة اللعب بالليرة والأسعار لزيادة الضغط على البيئة الوطنية الحاضنة والحامية للوطن.

ثم تكلم السيد نهاد بدور عن أهمية الأمان لاستقرار العملية الاقتصادية والاجتماعية، فالرأسمال جبان ولا يعيش في ظروف الأزمات.

وتحدثت المهندسة دينا إلياس عن سوء دور وزارة حماية المستهلك في مراقبة صحة الأغذية وجودتها، والفلتان واللعب بالمواصفات والأسعار. وعلق الأستاذ ثابت طراف باقتضاب بأنه في غياب القانون كل شيء متاح، وتكلمت السيدة مها رويحة عن بعض السلوكيات الخاطئة التي تعطي نظرة سلبية لدى المواطنين اتجاه بعض المؤسسات  ويمارسها بعض المنفلتين، وهذه السلوكيات تسيء لوحدة المجتمع وتلاحمه.

وهنا شكر رئيس الجلسة السيدة على هذا الطرح معلقاً قد يكون هناك تجاوزات فردية ولكن يجب عدم التعميم وخاصة في محافظتنا التي أثبتت المؤسسات فيها وطنيتها وجودة التعامل والسلوك مقارنة بجهات أخرى، وأن أغلب المجتمع يتذمر من أي قوة تفرض القانون أو تحاسب إن لم تكن تملك صفة مؤسساتية. وتابع الدكتور لا عودة للأمان الاقتصادي الاجتماعي الذي كان نهج الدردري وما تبعه السلاح الذي اخترقه من خلال سحب يد الدولة بحجة رفع الدعم وسلب المزايا التي حصل عليها المواطن من سلع وحاجيات وخاصة سكان الأرياف والمزارعين، فهذا النهج أخلّ بالعملية الزراعية وباستقرار المواطن في منزله ما حرك حشوداً من الهجرة الداخلية وعدم استقرار وزادت مناطق السكن العشوائي وزاد الفساد وأغنى فئات على حساب الوطن، بنهج جديد يتجاوز كل الواقع السوري وكل مقررات المؤتمر العاشر، وبالتالي العودة عن الخطأ قوة ووطنية وخاصة في ظل ما نراه من استمرار الإرهاب الاقتصادي عبر اللعب بالأسعار والدولار، تقويضاً للإنجازات التي تحققها المؤسسة العسكرية.

وهنا لا بد من وقفة صادقة وقوية مع الوطن تعطي المواطن حقه وتزيد التعاون والتضافر بين القوى الوطنية الشريفة الساعية للحل السوري السوري، وقطع الطريق على تجار الأزمة  وتجار الأوطان المرتبطين بمشاريع خارجية تفتيتية تدميرية من أجل  مصالحهم الضيقة. والانطلاقة الصحيحة تكون بسياسة تعيينات صحيحة بعيدة عن أي انتماءات لا وطنية وبعودة الروحية للمؤسسات التي سعى الكثير من رموز الفساد لتقويضها وسلب دورها، وأخيراً بلا مبادرات وطنية مستقلة غير تابعة لأي كان وتقلب المعادلة يصعب الحل وتصعب العودة للأمان الاقتصادي والاجتماعي الذي تعودت عليه سورية قبل الانقلاب المفاجئ الذي لحق بحكومة الدردري والعطري وما تبعها، والذي كان مدخلاً لأغلب الكوارث والمآسي التي نعاني منها، وشكر الدكتور الحضور ووسائل الإعلام لتغطيتها ودعاهم لحضور الندوة المقبلة عن الزراعة والأمن الغذائي.

العدد 1107 - 22/5/2024