سعادة السوريين تكمن في السلام

 ربما تختلف نظرتنا إلى السعادة بحسب مطلبنا، فمنا من يراها في المال لأنه يرى بامتلاكه له القدرة على امتلاك ما يريد حتى الحب. ومنا من يرى أن سعادته تكمن في منزل يسكنه وتكون راحته بين جدرانه، ومنا من يراها في سيارة، ومنا من يراها في حصوله على تحصيل علمي وشهادات عليا كلما بلغها بلغ قمة السعادة، ومنا من يراها في عمل يسعى إليه وحصل عليه، ومنا من يراها في رتبة عالية بالدولة، وآخر يراها في وجود عائلة وأولاد مهما كان دخله ومردوده المادي، المهم أن أسرته حوله وأولاده هم سعادته، وآخر يراها في الحب، وآخرون يرونها في عودة مسافر، وغيرهم يراها في قطعة حلي أو ثوب جديد أو حتى حذاء جديد، والبعض يراها في السلطة والتسلّط، في حين هناك من يراها في امتلاك قوت يومه.

ومهما بلغت صور السعادة واختلفت بين الناس، تبقى سعادة السوريين في ظل هذه الأزمة مطلباً واحداً ألا وهو عودة الأمن والأمان عودة السلام الداخلي في نفوسنا، لننشر من خلاله سلاماً فيما بيننا وبالتالي لكل الوطن، لتعود ضحكتنا كما كانت ويعود صباحنا محمّلاً بنسائم الربيع العذبة وبصوت الطيور ورائحة الزهر بعيداً عن صوت ورائحة الموت القابع بنار القذائف.. نعود كما كنا سابقاً نذهب إلى أي مكان وفي أي زمان من غير أن نكون مقيدين بهوية المكان، لتكون هويتنا واحدة سورية بعيداً عن الطائفية، يعود السوريون كسابق عهدهم إلى منازلهم لتبقى حدائقنا متنزهاً لكل طفل سوري، لا ملاذاً لكل مشرد ولاجئ سوري، تعود سماؤنا محمّلة بالأمنيات بدل القذائف والصواريخ، وتعود طائراتنا لنقل أحلام المسافرين بدلاً من نقل الذخيرة والأسلحة وجثامين الشهداء والأبرياء من المدنيين، نعود إلى ما كنا عليه سابقاً نحترم رأي غيرنا بعيداً عن التجريح والتخوين وإلقاء أصابع الاتهام بالخيانة لمن يخالفنا الرأي  لمجرد اختلافنا بوجهات النظر، ولربما تكون سعادة السوريين في نزع السلاح من يد من يجهل قيمته، ليبقى محصوراً فقط بيد المؤسسة العسكرية.

مهما كثرت مطالب السعادة أو تنوعت، ومهما راودنا شعور ببلوغ القمة بسعادة مرجوّة تبقى ناقصة، إذا لم يحلّ الأمان والسلام ببلد السلام سورية، وتعود قوافل المهاجرين لتعمّر البلد بمحبة من جديد، ونزرع على قبور شهدائنا أكاليل الأسى مروية بدمائهم الطاهرة لتتفتّح من جديد شقائق النعمان على بساط أخضر مزهر بألوان الربيع الحقيقي، لا ربيعاً مبللاً بالدم ومحروقة أشجار غاره وسنديانه وزيتونه بنار سلاح الغدر.

العدد 1107 - 22/5/2024