كن سعيداً

 لو استعرضت معارفك، أيّها القارئ الكريم، وتصفّحت بطون التاريخ، لوجدت أن التفكير السليم المتزن يفترق عن التفكير الأحمق في نقطة أساسية لا يمكن عدم ملاحظتها. فمن البديهي ملاحظة تاريخ اليوم العشرين من آذار، فهو يوم كأيامك تلك التي مضت وحتى الآنية منها، لكن التاريخ الذي جرى تجاوزه هو يوم خصِّص للسعادة.

ألا ترى أن  لنوادر الأمور يوماً ليُحتفل بها؟! وبعيداً عن إشكالية الاحتفال بتلك النوادر المعنوية، حان البدء بالتقرير التالي:

تشير دراسات جديدة أن الناس الذين يعانون زيادةً في الوزن هم أكثر سعادة مقارنةً بغيرهم، على الرغم من أنهم أكثر عرضةً لارتفاع ضغط الدم والسكري، ومع ذلك هم أكثر هدوءاً وسعادة وأقلُّ ميلاً للتوتر والعصبية. ولا يعني ذلك بأن تودي بنظامك الغذائي نحو السمنة المفرطة في سبيل السعادة! فالتفكير السليم يناقض ذلك حتماً. وفضلاً عن تلك الدراسة، تبقى الأمنيات البشرية على اختلافها (سيارة وتحصيل علمي لائق، ووظيفة دائمة…) قرينة لـ(سرّ السعادة)، في الوقت ذاته يكون الحاصل على أحد ما سبق من أمور مادية لم يأبه طعماً بالسعادة.

وقياساً لذلك فإن الكثيرين ممن يجهلون السعادة يرونها أمرا  طوباوياً مُحالٌ حصوله.

أما بالنسبة للسوريين اليوم فهم يتهافتون بحثا عن الأمان لعلّه سراً لسعادتهم، في الوقت نفسه كانت ولا تزال ظروف الحياة اليومية من مستوى الفساد في المجتمع والتعليم والصحة والأجور والقدرة على تقرير الأفراد لمستقبلهم مطلباً يسعدهم.

مرة أخرى أثبتت الأبحاث أن هناك علاقة طردية بين هرمون السعادة المعروف باسم (الدوبّامين) وعلاقات الإنسان بغيره داخل الدوائر الاجتماعية الأكبر، فكلما ازداد مؤشر السعادة، ازداد اهتمام الناس ببعضهم البعض، أما العكس!! فهو صحيحٌ بالمطلق، فإن أقصى ما يفتقد إليه الباحث عن السعادة قُدماً هو (العلاقات الإنسانية الطيبة)، ولا يعني ذلك عدد أصدقائك أو أفراد أسرتك- فقد تشعر بالوحدة وسط الناس- بل يعني جودة علاقاتك مع الآخرين، ومدى قدرتك على التعاطف معهم والشعور بآلامهم.

أخيرا  وليس آخراً، العقل يستطيع أن يخلق وهو في مكان مقيم من الجحيم فردوساً أو جحيماً من الفردوس. وبذلك تكون السعادة رهينة ما نحمل من أفكار تجلب تلك السعادة، أو تقذفها بعيداً.

العدد 1107 - 22/5/2024