روزنامة تذكّرنا بما نفتقده

 يعيش الإنسان طيلة حياته باحثاً عن كلِّ ما يجد فيه إكمالاً للنَّقص الذي يعيشه، وحين يصل إلى مبتغاه يتحوَّل بحثه إلى أمرٍ آخر، يعيش السَّعادة حين يحقِّق ما يصبو إليه لكنه سرعان ما يفتقدها في مسيرة بحثه التَّالية حتى يجد ما يريده مجدَّداً، وهكذا فإن شعور السَّعادة شعورٌ ملازمٌ للإنسان على مدار الحياة، ولأن هذا الشُّعور منقوصٌ دائماً يمسي السَّعي للوصول إليه هدفاً أزلياً للإنسان.

إذاً، فحينما نمتلك ما نريد نرى الحياة بصورةٍ أكثر إشراقاً، نشعر بالرَّاحة الضِّمنية وبعض الرِّضا والأمان، فلربما تكمن السَّعادة القصوى في الحصول على طفلٍ، أو رغيف خبزٍ، أو فرصة عملٍ، أو مالاً يقينا شرَّ الحاجة، ولربما كان منزلاً ينمِّي فينا شعور الانتماء، أو دراسة فرعٍ نحلم به… ولربما كبر هدفنا فكان السَّعي للوصول إلى سعادةٍ مشتركةٍ مع المجتمع برمَّته كبناء بلدٍ يجعل جميع أبنائه مواطنين من الدَّرجة الأولى!!

على هذا فالسَّعادة شعورٌ نسبيٌّ يختلف بين شخصٍ وآخر، وما يختلف أكثر هو طريقة السَّعي والبحث عنه، لكن يبقى هذا الإحساس من جملة المشاعر والأمور التي تنقص بني البشر الباحثين عن الكمال، ولهذا تم تحديد يوم 20 آذار من كل عام للاحتفاء به.

ألهذه الدَّرجة بات الشعور بالسَّعادة مفقوداً في حياة البشر مما جعل تخصيص يوم واحد في العام أمراً ضرورياً؟!!

يتسـاءل الواحـد منا: منذ مـتى لم أعش هذا الشُّعور؟

نحن السُّوريين لم نعد نشعر به إلاّ حينما نرى أشكال الموت اليومي أو نسمع أصواته من حولنا، ونطمئن على أن أحداً من دائرتنا الضَّيقة لم يُصب بأذى، أو حين نصل إلى بيوتنا مع أطفالنا بخيرٍ دون ذعرٍ مفاجئ، حينما نستيقظ صباحاً ولوهلةٍ من الزَّمن تنسينا زقزقة العصافير الرَّبيعية وقهقهات أطفالنا حجم الألم المعيش.. فللأسف غدا هذا الشُّعور ضرباً من الخيال، إلاّ أن الأمل بيومٍ خالٍ من الهموم والقلق والخوف يأبى الموت بدواخلنا ويبقينا على رصيف الانتظار بأن إحساس السَّعادة سيصلنا ذات يوم.

العدد 1107 - 22/5/2024