جائزة البوكر العربية لعام 2014 لـ«فرانكشتاين في بغداد»

نالت رواية (فرانكشتاين في بغداد) للروائي العراقي أحمد سعداوي جائزة البوكر العربية /القائمة القصيرة لعام 2014 التي اختيرت من بين ست روايات هي: (طائر أزرق نادر يحلق معي) للمغربي يوسف فاضل، و(تغريبة العبدي المشهور بولد الحمرية) للمغربي عبدالرحيم لحبيبي، و(طشّاري) للعراقية إنعام كجه جي، و(لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة) للسوري خالد خليفة، و(الفيل الأزرق) للمصري أحمد مراد، إضافة إلى الرواية الفائزة.

وقد حصل السعداوي على مبلغ نقدي قيمته 50 ألف دولار أمريكي، وكذلك ترجمت روايته إلى اللغة الإنكليزية، إلى جانب تحقيق مبيعات أعلى للرواية والحصول على تقدير عالمي.

 

 جاء في بيان لجنة التحكيم عن الرواية الفائزة الذي قرأه رئيسها الناقد سعد البازعي، الأسباب التي دعت اللجنة لاختيار هذا العمل للفوز منها: مستوى الابتكار في البناء السردي كما تمثل في شخصية (الشسْمَه) التي تعبر بإبداع عن مستوى وحشية العنف الذي يعاني منه العراق وسورية والمنطقة عموماً، في الرواية أيضاً مستويات عديدة من السرد المتقن والمتعدد المصادر، لهذا اعتبرت الرواية إضافة مهمة إلى المنجز الروائي العربي المعاصر.

وكان رئيس مجلس أمناء الجائزة ياسر سليمان، علّق على هذا الفوز بقوله: (أبدع أحمد سعداوي في روايته (فرنكشتاين في بغداد) التي جاءت زاخرة بشخوص تتجاوز الواقع، وتلتقي به وجهاً لوجه في آن واحد، مثيرة في رحلتها هذه قضايا الخلاص من إرث طاحن لا خلاص لأحد منه على مستوى المسؤولية الفردية والجمعية، وتتألق الرواية بسرد أخاذ وغرائبية جاذبة تستنطق النفس الإنسانية في أحلك ساعاتها، ساحة الرواية بغداد لكن موضوعها يتعدى هذه المدينة ليشمل الإنسان العربي في هذه المنطقة.

وتحكي (فرانكشتاين في بغداد) قصة (هادي العتاك) بائع العاديات بحي شعبي في بغداد، الذي يقوم بلصق بقايا بشرية من ضحايا الانفجارات في ربيع 2005 ويخيطها على شكل جسد جديد، تحل فيه لاحقاً روح لا جسد لها لينهض كائن جديد يسميه هادي (الشسْمَه) إختصاراً للتعبير العامي العراقي (الي شي اسمه) أي الذي لا يُعرف له اسم، وتسميه السلطات بالمجرم إكس، ويسميه آخرون (فرانكشتاين)، يقوم هذا الكائن بقيادة حملة انتقام من كل من أسهموا في قتله أو على الأصح من قتل الأجزاء المكونة له.

يُذكر أن أحمد سعداوي روائي وشاعر وكاتب سيناريو عراقي ولد في بغداد عام 1973 يعمل في إعداد البرامج والأفلام الوثائقية، وقد اعتبرت روايته (فرانكشتاين في بغداد) أفضل عمل روائي نُشر خلال عام ،2013 واختيرت من بين 156 رواية مرشحة تتوزع على 18 بلداً عربياً.

صدرت الرواية عن منشورات (دار الجمل)، تقع في 353 صفحة من القطع الكبير، ومقسمة على 19 فصلاً، لم يضع لها الكاتب مقدمة، بل كتب مدخلاً هو جزء بنيوي من الرواية.

بطل الرواية هو مواطن عراقي اسمه (هادي العتاك)، يسكن حي البتاويين وسط بغداد، بائع للأجهزة العتيقة والمستهلكة والمستعملة، مواطن يعيش وسط التراكمات الحياتية اليومية ويعتاش من شراء العتيق من الأشياء وبيعه، لكن المؤلف يمنحه عملاً آخر من الواقع العراقي الذي يعيش وسط تداعياته حيث أعمال العنف والانفجارات، ويحدد لهذه الأعمال زمناً واضحا  هو شتاء 2006 الذي كان مميزاً بعنفه ودمه وأعداد ضحاياه، فقد تطايرت أمام عينيه الأشلاء، فوقف مذهولاً مما يراه، ولأنه شعر ببشاعة ما يحدث، قام بجمع بقايا جثث من ضحايا التفجيرات الإرهابية وقام بلصق هذه الأجزاء لينتج كائناً بشرياً غريباً، سرعان ما نهض ليثأر من المجرمين الذين قتلوه أو قتلوا أجزاءه التي يتكون منها.

وكما جاء في الغلاف الاخير (يسرد هادي الحكاية على زبائن مقهى عزيز المصري، فيضحكون منها ويرون أنها حكاية مثيرة وطريفة ولكنها غير حقيقية، لكن العميد سرور مجيد مدير هيئة المتابعة والتعقيب يرى غير ذلك، فهو مكلّف، تكليفاً بشكل سرّياً، بملاحقة هذا المجرم الغامض).

ويؤكد المؤلف على الغلاف الاخير أيضاً: (تتداخل مصائر الشخصيات العديدة خلال المطاردة المثيرة في شوارع بغداد وأحيائها، وتحدث تحولات حاسمة ويكتشف الجميع أنهم يشكلون، بنسبة ما، هذا الكائن الفرانكشتايني، أو يمدّونه بأسباب البقاء والنمو، وصولاً إلى النهايات المفاجئة التي لا يتوقعها أحد)

والرواية تستفيد من رواية للمؤلفة البريطانية ماري شيلي، صدرت سنة 1818تحمل عنوان (فرانكشتاين)، تدور أحداثها عن طالب ذكي اسمه فيكتور فرانكشتاين يكتشف في جامعة ركنسبورك الألمانية طريقة يستطيع بمقتضاها بعث الحياة في المادة، ويبدأ فرانكنشتاين بخلق مخلوق هائل الحجم.

و(فرانكشتاين في بغداد)، هي الرواية الثالثة لأحمد سعداوي بعد روايتيه (البلد الجميل) الصادرة عن دار المدى، وحازت الجائزة الأولى في مسابقة الرواية العربية في دبي 2005 وروايته الثانية (إنه يحلم أو يلعب أو يموت) التي حازت جائزة هاي فاستفال البريطانية 2010.

وقد أكد سعداوي أن الرواية استفادت من قصص الرعب كأدب شعبي معروف عالمياً، إضافة إلى استفادتها من آليات الرواية البوليسية في المطاردة والكشف عن أسرار الجرائم، والكوميديا السوداء، وتوظيف كل ذلك ضمن إطار مترابط يحال إلى جذور متعددة في الواقع العربي اليوم.

تسخر الرواية من العقل السياسي الذي تعامل مع الواقع العراقي، ومن تبادل الأدوار بين الجلاد والضحية، ومن الثقة المفرطة بالمستقبل مع انعدام الحس الأخلاقي لدى نخبة ساهمت في إدارة العراق خلال السنوات العشر الماضية.

العدد 1104 - 24/4/2024