في جمعية العلوم الاقتصادية.. «العمل غير المنظّم»!

عقدت جمعية العلوم الاقتصادية السورية يوم الثلاثاء 25/10/2016 حلقة نقاشية متخصصة تحت عنوان (العمل غير المنظم في سورية) قدم فيها الباحثان نبيل مرزوق وزكي محشي ورقة عمل حول هذا الموضوع، تضمنت مفهوم العمل غير المنظم، وخصائصه، ومحدداته قبل الأزمة، إضافة إلى أثر الأزمة على طبيعة العمل غير المنظم وحجمه وخصائصه، واقتراح سياسات تعزز العمل اللائق وتحد من العمل المرتبط باقتصاديات العنف.

اعتمدت الورقة تعريفاً إجرائياً للعمل غير المنظم (كإجمالي الوظائف غير النظامية، سواء تمت في القطاع المنظم، ومؤسسات القطاع غير المنظم، أو الأسر المعيشية). وأشارت إلى أن الدمار والتشظي الذي نجم عن النزاع المسلح في سورية لا يقلل من أهمية الاختلالات التنموية التي كانت قبل الأزمة وساهمت في الوصول إليها. إذ يتضح من البحث أن النمو الاقتصادي قبل الأزمة لم يكن مناصراً للتشغيل وقد ترافق مع تدهور في المشاركة في قوة العمل بشكل خاص للإناث في كل من الريف والحضر، مما أقصى شرائح مجتمعية كبيرة من المشاركة في النشاط الاقتصادي.

بلغ معدل البطالة حسب الدراسة 53% في العام الماضي ،2015 والعاطلون من العمل أكثر من 2,293 مليون عامل، بينما انخفضت نسبة المناطق التي توفر فرصاً عديدة للعمل المنخفض من 65% قبل الأزمة إلى 12% خلال الأزمة، وارتفعت نسبة المناطق التي لا يتوفر فيها فرص للعمل على الإطلاق إلى 24% خلال الأزمة بعد ما كانت النسبة تقترب من الصفر قبل الأزمة، بينما وصلت نسبة المنخرطين في أعمال غير قانونية إلى 17% من إجمالي عدد السكان، منهم 50% عمال منخرطون في أعمال غير قانونية كأعمال التهريب وتوليد الكهرباء والابتزاز والاتجار بالمخدرات والأسلحة وتكرير النفط غير النظامي، مع وجود فئة واسعة من العمال غير مشمولين بقوانين العمل، سواء القانون العام أم الخاص.

وحسب الدراسة المقدمة، فقد تراجعت نسبة المناطق التي كانت تشهد عدداً وسطياً مناسباً من ساعات العمل من 70% قبل الأزمة إلى 22% خلال الأزمة، مع ازدياد الاستغلال من أصحاب العمل وزيادة ساعات العمل للتعويض عن انخفاض أجر ساعة العمل، والأخطر كان انتقال المنشآت الصناعية النظامية إلى العمل غير المنظم بسبب تعرّضها للتدمير والنهب، وانتقالها من مواقع عملها الأساسية إلى مناطق غير مخدّمة ولا مجهزة، وقد سجلت خسائر الاقتصاد السوري ضمن خمس سنوات من الأزمة حتى عام 2015 أكثر من 255 مليار دولار أمريكي، وهو رقم يشكل ثلاثة أضعاف الناتج المحلي للعام ،2010 مع تقديرات لمعدل الفقر العام بنحو 85,2% وأصبح 35% من السكان تحت خط الفقر المدقع (الغذائي).

وحسب المعطيات فإن هناك علاقة مركبة بين الفقر والعمل غير المنظم، إذ يعتبر العمل غير المنظم فرصة لتجنب الفقر والعوز للكثيرين، ولكن الإنتاجية تكون منخفضة ومن ثم الأجور المتدنية قد تؤدي إلى احتمال الوقوع في الفقر على المدى الطويل، ولذلك فإن النمو السريع وغير المدروس للقطاع المنظم سيؤدي إلى تسارع وتوسع في العمل غير المنظم، ذلك أن نمو الناتج المحلي غير كاف لتقليص حجم العمل غير المنظم، وهو يترافق أحياناً مع توسعه أو الحفاظ على حجمه.

وقد شكلت العمالة غير المنظمة في عام 2010 نحو 65,6% من إجمالي المشتغلين، ويلاحظ ارتفاع نسبة العمل غير المنظم في حلب إلى 76% على الرغم من أنها مدينة صناعية، وفي دمشق 60% على الرغم من أنه لا قطاع زراعياً فيها وأغلب القطاعات فيها هي مؤسسات وصناعات منظمة، ذلك أن العمل غير المنظم ينشط في مجالات الزراعة والصناعة بشكل رئيسي، مع تدني الأجور في العمل غير المنظم مقارنة مع العمل في القطاع المنظم، وبلغت النسبة نحو 89% من العاملين في القطاع الخاص، وهي نسبة مرتفعة جداً وتشمل معظم القطاع الخاص.

وبحسب خط الفقر الأدنى في عام 2010 فإن 33% من العاملين يعانون هم وأسرهم الفقر الشديد، في حال اعتمادهم على عائد العمل الأساسي والثانوي، وتصل هذه النسبة إلى 37,6% بين العاملين غير المنظمين و24,2% بين العاملين المنظمين، أي أن معاناة العاملين كافة ضخمة، والفجوة كبيرة بين الأجور والحد الأدنى للمستوى المقبول للمعيشة، وهي تزداد في حالة العمل غير المنظم. كما تصل نسبة الفقر الشديد بين العاملين في القطاع الحكومي إلى 23,2%.

العدد 1105 - 01/5/2024