مرة أخرى.. قانون العمل 17/2010 هل يحتاج المرسوم التشريعي رقم 64 لعام 2013 إلى تعديل؟

 قبل صدور قانون العمل رقم17 لعام 2010 وبعد صدوره أشرنا في أكثر من زاوية صحفية إلى العديد من الملاحظات والانتقادات الموجهة إلى هذا القانون، وخاصة لمجموعة من المواد التي تضمنها والتي تشكل إشكالية في تطبيقها، وعلى الأخص المادة 205 التي تضمنت إحداث محكمة بداية مدنية للنظر في قضايا العمل في مركز كل محافظة، وتؤلف من قاض بداية يسميه وزير العمل، وممثل عن التنظيم النقابي يسميه المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال، وممثل عن أصحاب العمل يسميه اتحاد غرف الصناعة أو التجارة أو السياحة أو التعاوني حسب مقتضى الحال.

وقد حال هذا النص وبالشكل الذي ورد فيه دون السير في الدعاوى العمالية، وأدى إلى تعطيل المرفق القضائي العمالي وإلى تنسيب الدعاوى على مدى ثلاث سنوات لعدم اكتمال النصاب القانوني للمحكمة، لمجرد غياب أي من هؤلاء الممثلين، مما حدا بالمشرّع إلى إصدار المرسوم التشريعي رقم 64 تاريخ 22/9/2013 عدل بموجبه نص المادة 205 من القانون 17 لعام 2010 بحيث تشكل من قاض يسميه وزير العدل، وممثل عن العمال يسميه الاتحاد العام لنقابات العمال، وممثل عن أصحاب العمل يسميه وزير العمل وكلاهما من حملة الإجازة في الحقوق.

ومنذ أوائل هذا العام، استقال ممثل أرباب العمل من نصاب المحكمة، وسُمّي بدلاً عنه، لكنه يحمل الإجازة في الهندسة، مخالفاً بذلك نص المرسوم الذي أكد أن كلّاً من ممثلي العمال وأرباب العمل يجب أن يكون من حملة الإجازة في الحقوق.. أدى إلى أن المحكمة ترفض تسمية المندوب الجديد لمخالفته لنص المرسوم، وأدى هذا من جديد إلى تعطيل المرفق القضائي العمالي وتنسيب الدعاوى منذ أوائل شباط هذا العام حتى تاريخ كتابة هذه السطور ولمدة تزيد عن الأربعة أشهر.

ونظراً إلى التجربة الأولى مع صدور القانون 17 لعام 2010 ووفق نص المادة 205 التي أدت إلى تعطل المرفق القضائي العمالي على مدى ثلاث سنوات لعدم اكتمال النصاب القانوني للمحكمة وتنسيب الدعاوى، والتجربة الثانية بعد صدور المرسوم التشريعي رقم 64/،2013 وتطبيقه، والذي أدى مجدداً إلى تعطيل النظر بالدعاوى العمالية من جديد بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني للمحكمة، فإن الانتقادات السابقة لتشكيل هذه المحاكم وفق النصين الواردين أعلاه مازالت قائمة، وإن الحل لإشكالية المرفق القضائي العمالي، هو عودة الاختصاص للنظر بقضايا العمل إلى محكمة الصلح باعتبارها صاحبة الاختصاص وفق نص المادة 63 من قانون أصول المحاكمات، وينسجم ذلك مع نص المادة 40 من قانون السلطة القضائية ومرجعية الطعن في الأحكام التي تصدر عنها إلى محكمة النقض، لتجاوز الطعن نفعاً للقانون، ونكون بذلك قد أعدنا إلى القضاء العمالي دوره الطبيعي لفض النزاع بين المتقاضين وفي أماكن وجود محاكم الصلح بعيداً عن دعوتهم إلى مركز كل محافظة وتوفيراً للوقت والجهد والمال.

العدد 1105 - 01/5/2024