السيد وزير التربية… أكثر من 8000 حصة وما زالوا خارج الملاك!

 في نهاية كل عام دراسي ومع بداية العام التالي، تتجدّد الآمال بالتثبيت والآلام والمعاناة للحصول على تكليف بتدريس ساعات، والتنقّل بين مدارس متعددة متباعدة أحياناً ويحتاج الوصول إليها إلى أكثر من واسطة نقل، لمجموعة من الخريجين الجامعيين الذين مضى أكثر من عشر سنوات، على تخرجهم في الجامعات السورية باختصاصات متعددة، ولدى البعض منهم أكثر من8000 حصة من خارج الملاك، والمشكلة التي تقضّ آمال هؤلاء هو العمر الذي تحدّده شروط كل مسابقة.

واليوم بعد أن تلقينا عشرات الاتصالات والشكاوى من هؤلاء لدراسة أوضاعهم في الأشهر القليلة التي تفصلهم عن العام الدراسي الجديد، وجدنا أنه من الضروري أن تصل هذه الشكاوى والمعاناة التي ذكرناها إلى آذان المعنيين بالعملية التربوية، وعلى رأسهم السيد وزير التربية الذي نتمنى ألاّ يوفّر جهداً لإنصاف هؤلاء خاصة أن أجيالاً متعاقبة قد تخرّجوا ونهلوا معارفهم وعلومهم منهم.

الجدير بالذكر أن المسابقات التي جرت سواء أكان قبل الأزمة أم تلك التي جرت خلال سنوات الأزمة قد اشترطت سنّاً معيناً، وهؤلاء الخريجون معظمهم إن لم نقل جميعهم قد تجاوزوا ال40 عاماً، ومن المؤكد أن أي مسابقة قادمة لن تشملهم، فتعالوا معنا للاستماع إلى معاناة عدد من هؤلاء:

الآنسة خولة. س(أدب عربي) تقول عن معاناتها بأنها تخرّجت عام 2008 في جامعة تشرين باللاذقية، وكلها أمل أن تجني ثمار تعبها ودراستها ومعاناتها، ولكن الواقع كان عكس ذلك، إذ بدأت المعاناة مع (الساعات) من خارج الملاك، فتنقلت بين معظم مدارس المنطقة حين كان أجر الساعة نحو 30 ل. س، وهي لا تكفي إلا أجور مواصلات إلى بعض المدارس البعيدة، وتضيف بأنه أجريت مسابقة للتعيين في عام 2010 ونجحت فيها على أساس أن يتم التعيين لاحقاً، ولكن الرياح جرت بعكس أحلامها فذهبت الأحلام أدراج الواسطة وغيرها وما زالت بانتظار مسابقة أخرى حتى يومنا هذا، وهي اليوم تجاوزت الـ 45 سنة ومن المؤكد أن أي مسابقة لن تشملها، ألا تستحق التعيين اعتماداً على الـ 8000 حصة تعليمية التي أعطتها في أكثر من مدرسة؟!

الآنسة نجوى. ح (أدب عربي) تقول عن معاناتها مع الساعات من خارج الملاك بأنها تخرجت في عام 2009-2010 وفي العام نفسه أجريت مسابقة للتعيين، ولكنهم رفضوا قبولها في تلك المسابقة بذريعة أنها لا تملك شهادة تخرّج علما  أنها كانت قد حصلت على إشعار من الجامعة يؤكّد نجاحها في الامتحان وتخرّجها في الجامعة. وتضيف بكل مرارة: تخيّل أنني كنت أتقاضى 30 ليرة أجراً لكل ساعة تدريس وبالطبع كانت لا تكفي أجور مواصلات.

الأستاذ (محمد. ا- علم اجتماع) يروي لنا معاناته التي ازدادت مع تقدمه بالعمر فلم تعد تشمله أي مسابقة فيقول: تخرجت في عام 2003 اختصاص علم اجتماع في جامعة تشرين باللاذقية، وكانت لدي أحلامي وطموحاتي بمتابعة الدراسة، لكن وللأسف اضمحلّت تلك الأحلام واختُزلت في إمكانية تخصيصي بساعات من خارج الملاك في مدارس متباعدة. وجدت نفسي مضطراً أن أقبل بالتدريس فيها على أمل التثبيت وفقاً للساعات التي تجاوزت 5000 ساعة، ولكن للأسف هاهو العمر يمضي وأنا مازلت أنتظر وقد بلغ عمري 46 سنة، وعلى ما يبدو فإن الأحلام تبقى أحلاماً لمن يشبهنا.

أمّا الآنسة (نائلة. س- تاريخ) فتقول بأنها تخرجت منذ نحو عشر سنوات بمعدل 69 بالمئة وفي عام 2010 تقدمت لمسابقة ونجحت فيها بمجموع 76 ولكن لسوء الحظ فقد عيّن عدد قليل جداً ممن حصلوا على 80 علامة. وتضيف إن لديها أكثر من 3000 ساعة تدريس من خارج الملاك وهاهو العمر يمضي إذ اقتربت من حدود الأربعين عاماً، فمتى سيتحقق حلمها بعيداً عن التوسلات للموجهين التربويين من أجل الحصول على عدد من الساعات لن يكون أجرها عن دوام فصل كامل أكثر من 20 ألف ليرة سورية.

الآنسة (غزوى. هـ – أدب عربي) لا تقل خيبة أملها عن بقية من تخرجوا ووجدوا أنفسهم تحت رحمة الموجهين التربويين الذين يتكرّمون عليهم بعدد من الساعات في مدارس بعيدة عن مكان سكنهم في معظم الأحيان، مقابل أجر زهيد لا يتجاوز 150 ليرة سورية، وهي تنتظر فرصة التعيين وقد تجاوزت عدد الساعات التي أعطتها في مدارس متعددة في طرطوس 8000 ساعة، إذ بدأت بالإعطاء مقابل 30 ليرة في البداية ثم أصبح أجر الساعة 60 ليرة وارتفع بعد فترة إلى 120 ليرة، والآن بلغ أجر الساعة من خارج الملاك 150 ليرة تخضع للضريبة بمقدار 15%. وعند السؤال عن مجموع الراتب الذي حصلت عليه خلال فصل كامل قالت بأنه لا يتجاوز 30 ألف ليرة سورية وهو راتب شهر واحد لأي موظف في الدولة. تضيف الآنسة غزوى إن ما يدعو للتساؤل هو تمديد عقود المعينين بعقود في وزارة التربية في حين ننتظر نحن أي بارقة أمل تضعنا على الطريق الذي نستحق بعد سنوات من العذاب والشرشحة بين أكثر من مدرسة.

كلمة حق

لا بد لنا من إطلاق الصوت عالياً على أمل أن يسمع من بيده القرار لتعيين هؤلاء، فمن حقهم أن يحصلوا على التعيين أسوة بمن جاء بعدهم بسنوات وسنوات وفي كثير من الأحيان يكون من بين طلابهم، فهل سيصل صوتهم عبرنا إلى السيد وزير التربية؟!. هذا ما نتمناه يا سيادة الوزير.

العدد 1107 - 22/5/2024