وحدة الوطنيين السوريين أساس للحل السياسي

 بدأت يوم الاثنين 14/3/2016 في جنيف الجولة الأولى للقاء السوري- السوري برعاية الأمم المتحدة، للبحث في إطلاق عملية سياسية بين الحكومة السورية و(المعارضات) السورية، ويتوقع أن تستمر الجولة الأولى عشرة أيام، وإذا كان للشعب السوري ومعه باقي الشعوب الصديقة له، أن يتفاءل بالقادم من الزمن، وأن يأمل بحصول اختراق يؤدي إلى إقرار حل سياسي ينهي سفك الدم السوري ويؤكد وحدة سورية واستقلاها، فإن العديد من الناس يتحفظون على هذا التفاؤل، لأن القوى المعادية للسلام في سورية، ومنها المجموعات الإرهابية المسلحة ومن ورائها تركيا والسعودية وقطر، ما تزال تعيش حالة من الصدمة والتخبط المشوب باليأس والإحباط، حزناً على مشروعهم المهشم الذي أسقطه صمود شعبنا السوري وبسالة جيشه، والتنسيق والتعاون العالي المستوى مع الصديقة روسيا، ودعم دول أخرى مثل الصين وإيران.

إن تلك القوى، التي تشعر بضياع الهدف واستنفاد السبل لإعادة قلب ميزان القوى لصالحها، تعمل اليوم وستعمل على تخريب لقاء جنيف ووضع المزيد من العقبات أمام نجاحه، وإحدى القضايا التي ما تزال عالقة وقد تتأزم أكثر فأكثر هي مسألة وحدة المعارضة، إذ تصر المعارضة الخارجية (الائتلاف) على حقها الحصري في تمثيل المعارضة كلها وبضمنها القوى الكردية والمعارضة الداخلية الوطنية التي أدت المساومة على حضورها إرضاء للسعودية إلى تعليق جلسات اللقاء السابق، وإن استمر الحال على هذا المنوال ولم يتمكن مبعوث الأمم المتحدة من إيجاد حل تقبل به كل الأطراف، فقد تتعطل العملية بكاملها، وقس على ذلك قضايا خلافية عديدة.

ومن القضايا التي تثير البلبلة كذلك، على أبواب هذه الجولة من اللقاء، الأحاديثُ المفبركة والمختلفة حول وجود نية لطرح قضية  الحل الفيدرالي، ورغم أن بعض التصريحات ذات الصلة قد كُذّبت أو أنها أصلاً وُضعت في غير سياقها، ومع ذلك يجري التعامل معها وكأنها أحد الخيارات المطروحة للقضية السورية.

من الثابت والمؤكد أن فكرة من هذا النوع ليست مطروحة، في أي محفل رسمي من المحافل، لا داخلياً ولا إقليمياً ولا دولياً، وأن الأطراف المعارِضة لسورية ولخطّها الوطني، تعرف ذلك حق المعرفة، وتعرف أيضاً أن الدولة السوية قاتلت بشراسة طوال خمس سنوات وقدّمت الألوف المؤلفة من الشهداء والضحايا دفاعاً عن وحدة الوطن السوري، وأن هذا الوطن الذي رفض أن يقسّم في ظل الاحتلال الفرنسي لسورية هو وطن غير قابل للقسمة على يد أحد.

ولكننا نميل إلى الاعتقاد بأن الأوساط الإرهابية والداعمة لها دولياً وإقليمياً تحاول أن تزرع هذه الفكرة في نفوس الشعوب العربية وخاصة الشعب السوري من أجل حرفه عن نضاله ضد الإرهاب، بإلهائه بقضية لا يتجرأ أحد على طرحها بشكل جدي، الآن بسبب عدم واقعيتها أصلاً، والرفض القاطع الذي ستجابَه به في حال طرحها.

والهدف الآخر من وراء هذه الفكرة هو بثّ الفرقة بين المواطنين السوريين، عرباً وأكراداً، ولكننا نعود لتأكيد ما أكدناه سابقاً وما أكدته الحياة، من أن حقوق الجماهير الكردية في سورية هي نفسها حقوق الجماهير العربية، وأن لهم مصلحة مشتركة مثل باقي المواطنين السوريين ، بالعمل لبناء سورية الغد على أساس دستور تعددي ديمقراطي، ودولة مدنية علمانية، ولن تستطيع قوى الإرهاب والتكفير والعمالة للغرب أن تفرّق المواطنين السوريين العرب عن إخوتهم السوريين الأكراد، في السرّاء والضراء.

العدد 1105 - 01/5/2024