حول جدّية منح القروض الإنتاجية!!

بعد مناقشات واجتماعات عديدة ومستفيضة بين الجهات الحكومية والصناعيين، ودراسات ومناقشات طويلة بين إدارات المصارف العامة والمصرف المركزي ومجلس النقد والتسليف، جرى الإعلان أخيراً عن معاودة المصارف العامة منح القروض التشغيلية وفق قواعد وشروط محددة رأت الجهة التي أصدرتها أنها ذات أولوية في المرحلة الراهنة.

القرار وتعليماته التنفيذية كانت مثار انتقاد الصناعيين والحرفيين، بسبب حصر منح القروض بمجالات وأنشطة صناعية محددة لم تشمل كل القطاع الصناعي.
ونتيجة لعدم الاستجابة لطلبات الصناعيين والحرفيين بفتح باب الإقراض دون حصره بالمجالات التي أُعلن عنها ، فإنه- وحسب تصريحات عدد من المسؤولين في المصارف العامة- لم يكن هناك إقبال من الصناعيين على طلب القروض، وقد أكد هؤلاء المسؤولون أن الشروط الموضوعة للإقراض كانت وراء عدم الإقبال عليه.

عقبة أخرى برزت مؤخراً تحت ما سمي شرط (رصيد المكوث) الذي يتطلب من طالب القرض من الصناعيين والحرفيين والتجار استخدام حسابه لدى المصرف في تمويل أنشطته كشرط لحصوله على التسهيلات المصرفية .
وهو ما عدّه كثير من المختصين إجراءً مبكراً وفي غير وقته لجذب السيولة للمصارف وتشجيع التسديد المصرفي والحد من الدفع النقدي. وقد لاقى هذا الشرط أيضاً انتقادات عديدة.

أمام هذه القرارات وأمثالها يُطرح تساؤل هام حول مدى جدية الجهات المعنية في إعادة منح القروض التشغيلية، بعد تلك الفترة الطويلة من المناقشة والدراسة على مختلف المستويات؟ وهل يندرج قرار حصر القروض ورصيد المكوث تحت بند قرارات رفع العتب، مثل بعض القرارات الأخرى التي يجري إصدارها وجعل تعليماتها التنفيذية صعبة ومعقدة بحيث تؤدي عملياً إلى عدم تنفيذها وتمرير الوقت لحين حصول مستجدات متوقعة وتوفير ظروف أفضل لمنحها؟

إجراء إدارة مصرف سورية المركزي الأخير بتأجيل تطبيق رصيد المكوث إلى العام القادم هو إشارة ايجابية في هذا المجال. لكن الإجابة الكاملة عن التساؤل المذكور تبقى بانتظار الخطوة الإيجابية الثانية بقرار سريع يتضمن تحسين شروط الإقراض التي أُعلن عنها، من أجل  تحقيق الهدف المفروض من إعادة منح القروض والمتمثل بتشجيع عملية إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية المتوقفة، لأن دوران عجلة الإنتاج هو الذي سيشجّع التصدير ويخفض الاستيراد ويزيد التشغيل.

 

 

العدد 1107 - 22/5/2024