احتلال فكريّ لا ينتظر عيد جلاء

هاهو ذا العرض التلفزيوني المميز لدى فئة من الأطفال يبدأ.. وكلٌّ منهم تصلبت أنظاره عليه يقرأ بتمعن الرسائل غير المباشرة الموجهة إلى عقله الباطن الذي سيبوح بها فور نضوجه، ويظهر بأفعاله وسلوكه الذي سيترجِم الرسائل الموجهة إليه بعد أن حفظها ضمنياً دون أن يعرف، لأنه متلقٍّ بريء يشكّل الهدف الأكبر للمفترسين من الغرب لأنهم البذرة التي ستكوّن أجيالاً. لقد عملت الجهات الخارجية تحت مسمى العولمة على استدراج الفكر العالمي كلٌّ حسب اهتماماته سواء عن طريق التكنولوجيا أو غيرها!

كسياسات عالمية يهمها استقطاب أكبر عدد ممكن من العقول النصيرة لها ليكون التلفاز أول المنتجات المصنوعة لمحاربة الفكر الطبيعي عبر البرامج المُسيّسة التي تُعرض، أو حتى المسلسلات (كالتركية) والأفلام كالأجنبية التي تُعد الأكثر مشاهدة ورغبة من الشعب العربي!

ويجيء في المرتبة الثانية الخليوي الذي استعمر أيدي الناس كافّة، فالخطورة ليست فيه بحد ذاته بل بآثاره الجانبية التي حذّر من مخاطرها عالم الكيمياء الألماني فرايدلهايم فولنهورست على الدماغ البشري، فهو يزيد الأرق والقلق وانعدام النوم ويسبب تلفاً في الدماغ، مما يؤدي على المدى الطويل إلى تدمير جهاز المناعة في الجسم.

كما قال البروفيسور الذي اخترع الجوالات أثناء عمله في شركة سيمنس الألمانية للإلكترونيات: إن إشعاعات الهاتف المحمول تضرب خلايا المخ بحوالي 215 مرة كل ثانية مما ينجم عنه ارتفاع نسبة التحوّل السرطاني بالجسم 4% عن المعدل الطبيعي. وحسب منظمة الصحة العالمية يوجد على مستوى العالم حوالي 400 مليون تليفون محمول ويحتمل أن يصل عددها إلى مليار!..وهذا بالتأكيد مدروس مسبقاً لتغيير نهج التفكير العالمي وتيسيره نحو أهدافهم!

أما من الناحية الأخرى والأهم فنوسّع المجال للتحدث عن مواقع التواصل الاجتماعي فهذا النوع من الإغراء الفكري يشكّل تشويهاً للإنسانية، وذلك بتهميش دور الإنسان الواقعي عن طريق تحويله لعالم افتراضي قرّب البعيد وبعّد القريب، فبات الغالبية مزدوج الشخصية لا يملك قدرة فرض ذاته على الواقع.

يكشف استطلاع للرأي في جريدة الأنباء الكويتية حول حماية الأبناء من أخطار مواقع التواصل الاجتماعي، عن عزلة الأبناء اجتماعياً والتوقف عن ممارسة الأنشطة الرياضية والاجتماعية ومن بعدهما الاكتئاب، فضلاً عن تأثرهم بأفكار وقيم غير أفكار المجتمع، وتوليد العنف والعدوان في نفوسهم، وبدا ضعف لدى طلبة المدارس في اللغة العربية كتابة وتعبيراً من خلال ترك اهتمامهم بدراستهم وتضييع أوقاتهم بعيداً عن عالمهم الواقعي. وجدير بالذكر التحدّث عن مشاكل الأزواج التي تصير بسبب الانشغال بالإنترنت والابتعاد عن حياتهم العملية، بفضل الأحلام المزيفة التي تصدقها الزوجات أو الأزواج وإلخ من تأثيرات مجتمعية تزعزع علاقات المجتمع.

 ونخلص إلى أن هذا النوع من الاحتلال الفكري مسيطر سيطرة كاملة على كل خلية من حياتنا، بحكم الحاجة اليومية لاستخدام هذه الوسائل التي باتت أكثر من إدمان لكل واحدٍ من هذا المجتمع، لنكون في ظل احتلال فكري لا ينتظر عيد جلاء!

العدد 1105 - 01/5/2024