قدرات (تنظيم الدولة الإسلامية)الإرهابية.. إلى أين؟

شكّل عام 2015 لـ(تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام)(داعش) العام الأكثر قوة للتنظيم من حيث الانتشار الجغرافي وقدراته العملياتية وتهديده المباشر للعاصمتين دمشق وبغداد, لكن منذ منتصف عام 2016 بدأ يخسر الجغرافيا التي يسيطر عليها تباعاً,

ففي سورية خسر هذا التنظيم مساحات شاسعة في ريفي حلب الشمالي والجنوبي لصالح كلٍّ من الجيش السوري، وتنظيمي (فتح الشام)و(أحرار الشام)الإرهابيين, وفي 2 آذار الماضي هزم الجيش السوري هذا التنظيم الإرهابي وحرر مدينة تدمر الأثرية الشهيرة ومحيطها في وسط البادية السورية, ثم جبال الشومرية في ريف تدمر الشمالي,

ومنطقة شاعر التي تحوي عدداً من حقول الغاز في ريف حمص الشرقي, وفي شمال شرق سورية خسر (داعش) مساحات أخرى على يد قوات سورية الديمقراطية؛ قرية المشيرفة الاستراتيجية التي تبعد 30 كم عن مدينة الرقة في آذار من هذا العام،
ثم بلدات أم التنك، بير جربا، جروة، والحتاش وحزيمة في نيسان. وفي الشهر الماضي خسر أهم مواقعه في محافظة الرقة: مدينة الطبقة الاستراتيجية التي تحوي على مطار عسكري وتسيطر وتتحكم جغرافياً بسد الفرات.

لقد ادت الخسائر المتتابعة لتنظيم الدولة أمام الجيش السوري وقوات سورية الديمقراطية إلى تفكير قادة التنظيم جدياً بنقل عاصمتهم المزعومة من مدينة الرقة إلى مدينة دير الزور، على ما ذكرت مواقع إعلامية عدة مقرّبة من التنظيم،  كما دفع مخططيه إلى محاولة التوسع جنوباً نحو منطقة اللجاة السورية وريف حمص الشرقي.

مع ذلك لا يمكن أن نستبق الأمور ونعلن هزيمة هذا التنظيم, إذ مازال يملك جغرافيا واسعة في ريف دير الزور وريف حمص الشرقي وريف الموصل، وجيوب جغرافية فاعلة في مناطق الرطبة والرمادي في العراق, واللجاة في سورية, وهو قادر، إذا ما توافرت ظروف معينة أن يعيد ربطها كاملة أو ربط أقسام منها.

ولايزال لقياديي التنظيم قدرة على المناورة بفعالية, وفي العديد من العمليات الإرهابية قامت عناصرهم بهجمات معاكسة، آخرها على ريف مدينة السلمية السورية على خط قرى المبعوجة والسعن وجدوعة, ورغم أن الجيش السوري استعادها لاحقاً، فقد روّع عناصر التنظيم أهالي قرية عقارب بمجزرة مروعة راح ضحيتها عشرات المدنيين أغلبهم من الأطفال والنساء.

للأسف حصل هذا الاختراق  لعوامل عدة، أهمها عدم وجود تنسيق بين القوات المحلية المدافعة عن القرى والجيش السوري, علما أنه لولا تدخل الأخير لكان الوضع أكثر سوءاً. إن الهجوم المتكرر على مدينة السلمية,
رغم  تراجع هذا التنظيم الإرهابي في مناطق جغرافية أخرى, هي الرغبة الشديدة لقياديي التنظيم في السيطرة على طريق الرقة- حمص, حيث يمكن من خلاله وصل مدينة الرقة بعدة جيوب جغرافية للتنظيم في وسط سورية.

مع كل ما سبق رغم تراجع التنظيم جغرافياً نلاحظ أن حيويته العسكرية وعقيدته الإرهابية مازالت تقريباً على سويّاتها المعهودة, ربما يعود ذلك إلى انتشاره الأفقي واستقلالية أفرعه,
ولم تتوقف عناصر التنظيم عن تنفيذ العمليات الإرهابية في سيناء وبغداد وسورية وغيرها من مناطق أخرى, مما يزيد الاعتقاد بأن التنظيم رغم خسارته المحتملة لكل من الموصل والرقة، سيبقى على المدى المتوسط تنظيماً إرهابياً فاعلاً.

العدد 1105 - 01/5/2024